وهو بيع مكرر "الأول تسليم رأس المال في المجلس"(١) إذ لو تأخر لكان ذلك في معنى بيع الكالئ بالكالئ إن كان رأس المال في الذمة ولأن السلم عقد غرر جوز للحاجة فلا يضم إليه غرر آخر "ولو استوفى المسلم فيه"في المجلس لأن تسليمه فيه تبرع والتبرع لا يغير مقتضى العقد (٢) ولا بد من شرط حلول رأس المال (٣) كما صرح به القاضي أبو الطيب ولا يغني عنه شرط تسليمه في المجلس "ويصح السلم والصرف وبيع الطعام بالطعام والعوضان في ذمته"أي العاقد بأن يكون أحدهما في ذمة أحد العاقدين والآخر في ذمة الآخر وهما "موصوفان بصفة السلم"ثم يعين ويسلم في المجلس ما يجب تسليمه فيه فلو تفارقا قبل القبض بطل وكذا لو تخايرا قبله كما مر نظيره في الربا "وإذا تفرقا بعد قبض البعض صح فيه بقسطه"كما لو اشترى عبدين فتلف أحدهما قبل القبض (٤)"ولو قبضه"منه المسلم إليه "في المجلس ورده إليه عن دين"له عليه "صح"كل من الرد والعقد "كما ذكره"الأصل "في الربا وصححه في المهمات"(٥) هنا لأن تصرف أحد العاقدين في مدة خيار الآخر إنما يمتنع إذا كان مع غير الآخر لأن صحته تقتضي إسقاط ما ثبت له من (٦) الخيار إما معه فيصح ويكون ذلك إجازة منهما كما ذكره الشيخان في بابي الربا والخيار.
(١) "قوله الأول تسليم رأس المال في المجلس"لخبر "من أسلف فليسلف في كيل معلوم"والسلف التقديم فاقتضى التعجيل ولأن السلم مشتق من استلام رأس المال أي تعجيله وأسماء العقود المشتقة من المعاني لا بد من تحقق تلك المعاني فيها. (٢) "قوله والتبرع لا يغير مقتضى العقد"مراده أن ذلك يؤدي إلى اشتراط قبض المسلم فيه وهو ليس بشرط فيؤدي إلى تغيير موضوع العقد فيبطل. (٣) "قوله ولا بد من شرط حلول رأس المال إلخ"أشار إلى تصحيحه وكتب عليه كالصرف لأن من شرطه التعيين وما وجب تعيينه لا يجوز أن يكون مؤجلا. (٤) "قوله كما لو اشترى عبدين فتلف أحدهما قبل القبض"يؤخذ منه ثبوت الخيار وصرح به في الأنوار وهو الظاهر لكن جزم السبكي تبعا لابن الرفعة بنفيه وقوله وصرح به في الأنوار أشار إلى تصحيحه. (٥) "قوله وصححه في المهمات"وقال البغوي إنه الصحيح ا هـ فهو المذهب. (٦) "قوله ما ثبت له"أي الآخر.