الخيار (١) أي التخاير فإنه ملزم كتفرقهما وقال "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما: للآخر اختر" رواهما الشيخان (٢) وقوله أو يقول قال في المجموع منصوب بأو بتقدير إلا أن أو إلى أن ولو كان معطوفا لجزمه فقال أو يقل وخرج بالمعاوضة غيرها كالهبة والإبراء وصلح الحطيطة والوقف والعتق والطلاق وبالمحضة غيرها كالصلح عن دم (٣) والنكاح والخلع فلا خيار في شيء منها لأنه ليس بيعا والخبر إنما ورد في البيع وسيأتي بعض ذلك
واعلم أن الخيار في البيع رخصة شرع للتروي ودفع الضرر (٤) فهو عارض والأصل لزومه لا بمعنى أنه عرض بعد اللزوم بل بمعنى أن البيع من العقود التي يقتضي وضعها اللزوم ليتمكن العاقد من التصرف فيما أخذه آمنا من نقض صاحبه عليه أو بمعنى أن الغالب من حالاته اللزوم ذكره الرافعي (٥)"والسلم" أي وكالسلم "والتولية والتشريك وصلح المعاوضة" على غير منفعة "ولو في عقد تولى الأب" وإن علا "طرفيه كبيع مال نفسه لولده" أو عكسه لظاهر الخبر السابق في غير الأخيرتين وأما في الأخيرتين فلأن الأب أقيم مقام الشخصين في صحة العقد فكذا في الخيار ولفظ الخبر ورد على الغالب "فإن فارق" الأب "مجلسه أو اختار لهما" اللزوم "لزم أو" اختار "لنفسه بقي" الخيار "للولد" وكذا بالعكس كما في البسيط (٦) وخرج بصلح المعاوضة صلح الحطيطة لأنه هبة أو
(١) رواه البخاري، كتاب البيوع، باب البيعان بالخيار مالم يتفرقا، حديث"٢١١١" ورواه مسلم، كتاب البيوع، باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين، حديث "١٥٣١" عن ابن عمر مرفوعا. (٢) رواه البخاري، كتاب البيوع، باب إذا لم يوقت في الخيار، هل يجوز البيع؟ حديث "٢١٠٩" ورواه مسلم، في الكتاب والباب السابقين، حديث "١٥٣١" (٣) "قوله كالصلح عن دم" أي لأن المال فيه غير مقصود ر. (٤) "قوله للتروي ودفع الضرر" شمل بيع الجنس الربوي بمثله ولا يلزم من اشتراط المماثلة فيه استواء الأمرين. (٥) "قوله ذكره الرافعي" قال الزركشي والظاهر أن مراد الغزالي الأول فإن إمامه قال في كتاب الرهن وقد عددنا الخيار من الرخص التي لا يعدى بها مواضعها حتى لا تجوز أكثر من ثلاثة أيام (٦) "قوله كما في البسيط" وقال غيره وإذا لزم العقد من طرف بقي الآخر وقال صاحب الاستقصاء فإذا بطل خيار أحدهما: ثبت للآخر وهو ما في الذخائر هذا هو الصواب ولا أحسب فيه خلافاً