في حجه المذكور، ولو مع قدرته "أجزأه" لأنه ﷺ رأى رجلا يهادى بين ابنيه فقال: "ما بال هذا؟ " فقالوا نذر أن يمشي فقال "إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه وأمره أن يركب"(١) رواه الشيخان; ولأنه أتى بالأركان، ولم يترك إلا هيئة فصار كما لو ترك الإحرام من الميقات أو المبيت بمنى "وعليه دم"(٢)، وإن ركب لعذر لخبر أبي داود بإسناد صحيح: إن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى البيت فأمرها النبي ﷺ أن تركب وتهدي هديا (٣) ; ولأنه صار بالنذر نسكا واجبا فوجب بتركه الدم كالإحرام من الميقات; ولأن ما وجب به الدم لا يسقط الدم فيه بالعذر كالتطيب واللباس والدم شاة تجزئ في الأضحية كسائر الحيوانات; ولأنه ترفه بترك المشي فأشبه ما إذا ترفه باللبس والتطيب "وأثم" بالركوب "إن لم يكن" له "عذر" لتركه واجبا مع قدرته عليه بخلاف ما إذا كان له عذر بأن يناله بالمشي مشقة ظاهرة (٤).
"فرع وإنما يستقر نذر الحجة المنذورة باجتماع شرائط الحج كحجة الإسلام" لو قال باجتماع شرائط حجة الإسلام كان أولى وقوله نذر لا فائدة له "فإن عين" في نذره الحج "سنة تعينت، ولا يجزئه الحج قبلها" كما في الصوم فيهما "فإن انقضت" أي السنة "ولم يتمكن" من الحج فيها لمرض أو غيره (٥)"فلا قضاء"; لأن المنذور حج في تلك السنة، ولم يقدر عليه "بخلاف
(١) رواه البخاري كتاب الأيمان والنذور باب النذر فيما لا يملك … حديث "٦٧٠١" ورواه مسلم كتاب النذور باب من نذر أن يمشي إلى الكعبة حديث "١٦٤٢". (٢) "قوله وعليه دم" قيده البلقيني بأن يركب بعد الإحرام من الميقات أو غيره أو بعد أن جاوز الميقات غير محرم مسيئا فإن ركب قبل الإحرام لم يلزمه دم; لأنه لم يتلبس بنسك يقتضي ارتكاب خلل فيه يوجب الدم. ا هـ. وتبعه الشارح بقوله في حجة المذكور، وهو ظاهر. (٣) رواه أبو داود "٣/ ٢٣٤" كتاب الأيمان والنذور باب من راى عليه كفارة إذا كان معصية حديث "٣٢٩٦" ورواه الدارمي "٢/ ٢٤٠" حديث "٢٣٣٥". (٤) "قوله بأن يناله بالمشي مشقة ظاهرة" قال في المجموع والظاهر أن المراد بالعذر أن يناله به مشقة ظاهرة كما قالوه في العجز عن القيام في الصلاة وفي العجز عن صوم رمضان بالمرض. (٥) "قوله لمرض أو غيره" كأن منعه مرض، ولو اختص به أو لم يجد رفقة، والطريق مخوف لا يتأتى للآحاد سلوكه أو كان معضوبا وقت النذر أو طرأ العضب، ولم يجد المال حتى مضت السنة المعينة.