"ولا يجب" ذلك "إلا بالنذر"; لأنه قربة فلزم به ويستحب له أن يكون ما يهديه سمينا حسنا لقوله تعالى ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ [الحج: ٣٢] فسرها ابن عباس بالاستسمان والاستحسان وكونه معه من بلده أفضل وشراؤه من طريقه أفضل من شرائه من مكة، ثم من عرفة فإن لم يسقه أصلا بل اشتراه من منى جاز وحصل أصل الهدي.
"و" يستحب له "أن يقلد البدنة والبقرة نعلين" من النعال التي تلبس في الإحرام "ويتصدق بهما" بعد ذبحها "ثم يشعرها" والإشعار الإعلام والمراد هنا ما ذكره بقوله "فيجرح"، وهي باركة "صفحة سنامها اليمنى بحديدة" فإن لم يكن لها سنام أشعر موضعه لا يقال هذا مثلة، وهي منهي عنها وعن تعذيب الحيوان; لأنا نقول أخبار النهي عن ذلك عامة وأخبار الإشعار خاصة فقدمت "مستقبلا بها" في حالتي التقليد والإشعار "القبلة" كما صح عن فعل ابن عمر رواه البيهقي وحكى في الروضة وجهين في أن تقديم الإشعار أفضل أو التقليد قال: وقد صح في الأول خبر في صحيح مسلم وصح في الثاني عن فعل ابن عمر، وهو المنصوص وعليه جرى المصنف حيث عطف بثم وزاد في المجموع أن الماوردي حكى الأول عن أصحابنا كلهم، ولم يذكر فيه خلافا "ويلطخها بالدم لتعرف" فلا يتعرض لها قال في المجموع، والسنة أن يقلد هديه ويشعره عند إحرامه للأخبار الصحيحة فيه قال ويسن لمن لم يرد الذهاب إلى النسك أن يبعث هديا، وأن يقلده ويشعره من بلده للخبر الآتي.
ويسن أن يجلل هديه ويتصدق بذلك الجل ونقل القاضي عياض عن العلماء: أن التجليل يكون بعد الإشعار لئلا يتلطخ بالدم وأن يشق الجلال عن الأسنمة إن كانت قيمتها قليلة; لئلا تسقط وليظهر الإشعار فإن كانت نفيسة لم تشق "فإن قرن هديين بحبل أشعر" مع إشعاره أحدهما، وهو الأيمن في الصفحة اليمنى كما علم ما مر "الآخر"، وهو الأيسر "في الصفحة اليسرى" ليشاهدا ويؤخذ من التعليل أنه لو كان الأيسر أطول أشعره في الصفحة اليمنى، وهو ما بحثه الزركشي وغيره، ولو قرن ثلاثة بحبل فظاهر أنه يشعر الأوسط في الصفحة اليمنى مطلقا.
"ولا تشعر الغنم" لضعفها; ولأن الإشعار لا يظهر فيها لكثرة شعرها وصوفها "بل يقلدها عرا القرب وآذانها" قال في المجموع والخيوط المفتولة ونحوها لخبر