ولا يستر وجهه; لأنه إن كان أنثى فكشفه واجب أو رجلا لم يلزمه ستره، وأما ستر بدنه فيجب; لأنه إن كان أنثى فواضح أو رجلا فجائز والستر مع التردد واجب، ولهذا أمرت سودة أن تحتجب من ابن وليدة زمعة (١) وأمر الخنثى بالاحتجاب (٢) قال وتجويز القاضي لبس المخيط فيه نظر، وعندي أنه لا يجوز; لأنه إن كان ذكرا حرم عليه أو أنثى جاز فقد تردد بين الحظر والإباحة، والحظر أولى ومقصود الستر يحصل بغير المخيط فلا معنى لتجويز المخيط مع جواز الحظر وعدم الحاجة وإنما أوجبنا ستر الرأس، وإن تردد بين الحظر والإباحة; لأن ستر رأس المرأة واجب أصلي لحق الله تعالى وتحريم ستر الرأس في حق المحرم عارض لحرمة العبادة وقد قدمنا أن المغلب في حق الخنثى حكم الأنوثة انتهى.
ونقله عنه الأذرعي (٣) واستحسنه وأنت خبير بأن حاصل كلام القاضي وجوب ستر رأسه وستر بدنه، ولو بغير مخيط بقرينة تنظيره المذكور فلا ينافي كلام السلمي إلا في لبس المخيط فالقاضي يجوزه، وهو يحرمه، ثم كلام الجمهور إنما هو بالنسبة للإحرام وكلامهما بالنسبة له ولوجوب الستر عن الأجانب فلا منافاة إلا في لبس المخيط فالجمهور والقاضي يجوزونه والسلمي يحرمه فتنظيره في كلام القاضي لا يخصه بل يأتي على كلام الجمهور أيضا وبما تقرر علم أن الخنثى ليس له ستر (٤) وجهه مع كشف رأسه خلاف ما اقتضاه كلام المصنف وينبغي أنه لو أحرم الخنثى بغير حضرة الأجانب جاز له كشف رأسه كما لو لم يكن محرما.
= فتاوى القفال يخمر رأسه، ولا يخمر وجهه (١) رواه البخاري كتاب البيوع باب تفسير الشبهات حديث "٢٠٥٣" عن سعد بن أبي وقاص. (٢) رواه البخاري كتاب اللباس باب إخراج المتشيهين بالنساء من البيوت حديث "٥٨٨٧" ومسلم كتاب السلام باب منع المخنث من الدخول على النساء الأجانب حديث "٢١٨٠". (٣) "قوله ونقله عنه الأذرعي" واستحسنه كالإسنوي. (٤) "قوله وبما تقرر علم أن الخنثى ليس له ستر وجهه إلخ" وفي أحكام الخناثى لابن المسلم ما حاصله أنه يجب عليه أن يستر رأسه، وأن يكشف وجهه، وأن يستر بدنه إلا في المخيط فإنه يحرم عليه احتياطا قال الإسنوي والأذرعي وما قاله حسن.