للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الحكمة أي الآتية غير حاصل بسلوك غيرها وفي الغسل من أن القصد النظافة حاصل في كل موضع نعم في التفرقة نظر من وجه آخر، وهو أن المعرج للدخول ينتهي إلى ما يدخل منه الآتي من المدينة وربما يمر بذي طوى أو يقاربه جدا كالآتي من اليمن فإذا أمر المدني بذهابه إلى قبل وجهه ليغتسل بذي طوى، ثم يرجع إلى خلف فأمر اليمني، وقد مر به أو قاربه بالأولى وأقول لا تردد في أنه يؤمر به حينئذ، وإنما الكلام قبل تعريجه فلا يؤمر به ليغتسل بل ليدخل من ثنية كداء، وهو قبل ذلك مأمور بالغسل من نحو تلك المسافة إن لم يقصد التعريج ليدخل من ثنية كداء.

"ويستحب أن يغتسل بذي طوى" بفتح الطاء أفصح من ضمها وكسرها (١)، واد بمكة بين الثنيتين، وأقرب إلى السفلى للاتباع رواه الشيخان هذا إن كانت بطريقه بأن أتى من طريق المدينة وإلا اغتسل من نحو تلك المسافة قال المحب الطبري، ولو قيل يستحب له التعريج إليها والاغتسال بها اقتداء وتركا لم يبعد قال الأذرعي وبه جزم الزعفراني وسميت بذلك لاشتمالها على بئر مطوية بالحجارة أي مبنية، والطي البناء "و" أن "يخرج من ثنية كدى" بأسفلها أي مكة بضم الكاف والقصر والتنوين عند جبل قعيقعان للاتباع، رواه الشيخان والمعنى فيه، وفي دخوله من ثنية كداء بالفتح الذهاب من طريق والإياب من أخرى كالعيد وغيره لتشهد له الطريقان وخصت العليا بالدخول لقصد الداخل موضعا عالي المقدار، والخارج عكسه ولأن إبراهيم حين قال ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ [ابراهيم: ٣٧] كان على العليا كما روي عن ابن عباس قاله السهيلي قال الإسنوي: وقضيته استحباب ذلك (٢) لغير المحرم أيضا كاستحباب تقديم اليمين لداخل المسجد، واليسار للخارج منه، وإن لم يقصد عبادة فينبغي القول به إلا أن يرد نقل بدفعه قال في المجموع ويستحب إذا وصل الحرم أن يستحضر في قلبه ما أمكنه من الخشوع والخضوع بظاهره وباطنه ويتذكر جلالة الحرم ومزيته على غيره، وأن يقول اللهم هذا حرمك وأمنك فحرمني على النار وأمني من عذابك يوم تبعث عبادك واجعلني من أوليائك وأهل


(١) "قوله أفصح من ضمها وكسرها" بالتنوين وعدمه فمن نونه جعله نكرة ومن لم ينونه جعله معرفة.
(٢) "قوله قال الإسنوي وقضيته استحباب ذلك" أشار إلى تصحيحه.