للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظاهر الخبر من أن الإهداء يمنع الاعتمار غير مراد إجماعا قال في المجموع. والصواب الذي نعتقده أنه أحرم بالحج، ثم أدخل عليه العمرة وخص بجوازه في تلك السنة للحاجة وأمر به في قوله "لبيك عمرة في حجة" وبهذا يسهل الجمع بين الروايات فعمدة رواة الإفراد وهم الأكثر أول الإحرام وعمدة رواة القران آخره، ومن روى التمتع أراد التمتع اللغوي، وهو الانتفاع، وقد انتفع بالاكتفاء بفعل واحد ويؤيد ذلك أنه لم يعتمر في تلك السنة عمرة مفردة ولو جعلت حجة مفردة لكان غير معتمر في تلك السنة، ولم يقل أحد إن الحج وحده أفضل من القران فانتظمت الروايات في حجته في نفسه، وأما الصحابة فكانوا ثلاثة أقسام قسم أحرموا بحج وعمرة أو بحج ومعهم هدي وقسم بعمرة ففرغوا منها، ثم أحرموا بحج وقسم بحج، ولا هدي معهم فأمرهم أن يقلبوه عمرة، وهو معنى فسخ الحج إلى العمرة، وهو خاص بالصحابة أمرهم به لبيان مخالفة ما كانت عليه الجاهلية من تحريم العمرة في أشهر الحج واعتقادهم أن إيقاعها فيه من أفجر الفجور كما أنه أدخل العمرة على الحج لذلك ودليل التخصيص خبر أبي داود عن الحارث بن بلال عن أبيه قال قلت يا رسول الله أرأيت فسخ الحج إلى العمرة لنا خاصة أم للناس عامة فقال: "بل لكم خاصة" (١) فانتظمت الراويات في إحرامهم أيضا فمن روى أنهم كانوا قارنين أو متمتعين أو مفردين أراد بعضهم وهم الذين علم ذلك منهم، وظن أن البقية مثلهم. وأما تفضيل التمتع على القران فلأنه أكثر عملا وقول المصنف، ثم القران أي أفضل فهو أفضل من الحج، ثم الحج أفضل من العمرة.

"فالإفراد أن يحرم بالحج وحده (٢) ويفرغ منه، ثم يحرم بالعمرة" ومحل أفضليته على التمتع والقران أن يعتمر "من سنته فإن لم يعتمر فيها فهما أفضل


(١) ضعيف رواه أبو داود "٢/ ١٦١" كتاب المناسك باب الرجل يهمل بالحج يجعلها عمرة حديث "١٨٠٨".
(٢) "قوله فالإفراد أن يحرم بالحج وحده إلخ" اسم الإفراد صادق على صور إحداها ما ذكره، الثانية أن يأتي بالحج وحده صرح بأنه مفرد بلا خلاف القاضي الحسين والإمام، الثالثة إذا اعتمر قبل أشهر الحج ثم حج من الميقات صرح به القاضي والإمام والغزالي وأما الإفراد الذي هو أفضل فسيأتي بيانه قال شيخنا: هو أفضل من التمتع المشهور ومن القران وإن صدق عليه اسم التمتع أيضا وهو مفضول بالنسبة لصورة الإفراد الأصلية.