أمكن حفظه بلا مشقة هو مقتضى كلام الأصل كالتتمة لكن الذي اقتضاه كلام الشافعي والجمهور عدم البطلان فإنهم أطلقوه بغير تفصيل بين المشقة وعدمها وكذا أطلق في المجموع مع نقله كلام التتمة فقال ما حاصله فإن أخرج المغمى عليه أهله والمجنون وليه لم يبطل التتابع لأنه لم يخرج باختياره هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور وقال المتولي وآخرون هو كالمريض انتهى ويؤيد ما أطلقوه ما سيأتي من أن الخروج مكرها لا يبطل التتابع بجامع أن كلا لم يخرج باختياره.
"ومن أجنب بالاحتلام ونحوه" كالجماع ناسيا "فله الخروج للغسل (١) وإن أمكنه في المسجد" لأنه أصون لمروءته ولحرمة المسجد "ويبادر به" وجوبا رعاية "للتتابع" وقضية كلامه كأصله جواز الغسل في المسجد وهو كذلك إن لم يمكث فيه أو عجز عن الخروج منه وإلا فلا يجوز كما نقله الإمام عن المحققين وجزم به في المجموع "ولا يحسب زمن الجنابة" من الاعتكاف إذا اتفق المكث معها في المسجد بعذر أو غيره فإنه حرام وإنما يباح له للضرورة ومثلها الحيض كما صرح به الأصل.
"الركن الرابع المعتكف" فيه "فلا يصح" الاعتكاف "إلا في المسجد" للاتباع رواه الشيخان وللإجماع ولقوله تعالى ﴿وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧] إذ ذكر المساجد لا جائز أن يكون لجعلها شرطا في منع مباشرة المعتكف لمنعه منها وإن كان خارج المسجد ولمنع غيره أيضا منها فيها فتعين كونها شرطا لصحة الاعتكاف ولا يفتقر شيء من العبادات للمسجد إلا تحيته والاعتكاف والطواف فعلم أنه لا فرق بين سطح المسجد وغيره وأنه لا يصح فيما
(١) "قوله فله الخروج للغسل إلخ" قال الأذرعي أو عدم الماء مطلقا أو كان بحيث يباح له التيمم مع وجود الماء فهل يجب عليه الخروج للتيمم مع إمكانه في المسجد تكريما ولأنه يتضمن لبثا معها فيه إلى كمال التيمم فيه نظر وقد يتيمم مارا والظاهر أن موضع التردد ما إذا لم يكن الجنب مستجمرا بالحجر أو نحوه وإلا فالوجه الجزم بوجوب الخروج ولا تجوز إزالة النجاسة في المسجد وهكذا يجب أن يكون محلهما إذا لم يحصل بالغسالة ضرر للمسجد أو المصلين.