للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"فلم تكن لمن قبلهم وهي التي يفرق فيها كل أمر (١) حكيم وسميت ليلة القدر لأنها ليلة الحكم والفصل وقيل لعظم قدرها "وهي أفضل ليلة" في العام قال تعالى ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر﴾ [القدر: ٣]

أي العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر "وباقية إلى يوم القيامة" بالإجماع فيستحب طلبها والاجتهاد في إدراكها كل عام وأما قوله في خبر البخاري "فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في السبع والتسع" (٢) فالمراد رفع علم عينها ولو كان المراد رفع وجودها لم يأمر بالتماسها ومعنى عسى أن يكون خيرا لكم أي لترغبوا في طلبها والاجتهاد في كل الليالي "وأرجاها ليلة الحادي والعشرين (٣) أو الثالث والعشرين " ثم سائر أوتاره لأخبار منها غير ما أشرت إليه فيما مر خبر الصحيحين "التمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر (٤) " "فليكثر فيها وفي يومها من الدعاء" بما أحب من دين ودنيا مع الصلاة وغيرها مما يتأتى من سائر العبادات بإخلاص وصحة يقين لخبر الصحيحين "من قام ليلة القدر إيمانا أي تصديقا بأنها حق وطاعة واحتسابا أي طلبا لرضا الله وثوابه لا للرياء ونحوه غفر له ما تقدم من ذنبه" (٥) وقيس بها يومها.

" من "قوله اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفوا عني" "لقول عائشة رضي


(١) "قوله: وهي التي فيها يفرق كل أمر حكيم" وقيل ليلة نصف شعبان.
(٢) رواه البخاري كتاب الإيمان باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر حديث "٤٩".
(٣) "قوله: وأرجاها ليلة الحادي والعشرين إلخ" قال في القوت الذي قاله الأكثرون إن ميله إلى أنها ليلة الحادي والعشرين لا غير وقال الشيخ أبو حامد والبندنيجي أنه مذهب الشافعي وقال في القديم إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين.
(٤) رواه البخاري في كتاب صلاة التراويح باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر حديث "٢٠١٨. مسلم كتاب الصيام باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها وبيان حديث "١١٦٧".
(٥) رواه البخاري في كتاب الصوم باب من صام رمضان غيمانا واحتسابا … حديث "١٩٠١". ومسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح حديث "٧٦٠".