للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقلت الرغبة في هذه المكرمة "فإن قضى الغارم دينه أو سلمه" يعني دين غيره "ابتداء" أي من غير لزوم الدين ذمته "من ماله" فيهما "لم يستحق" شيئا من الزكاة لأنه لم يبق غارما في الأولى وليس غارما في الثانية فإطلاق الغارم عليه فيها مجاز وبذلك علم أن الغارم إنما يعطى عند بقاء الدين وبه صرح أصله. نعم إن قضاه بقرض أعطي أخذا من كلام الماوردي السابق "وكذا لو مات" (١) لا يستحق شيئا وإن لم يخلف وفاء لدينه وهو ظاهر إن مات ولم يتعين للزكاة بالبلد (٢) وإلا فينبغي أن يقضى دينه منه لاستحقاقه له قبل موته مع بقاء حاجته وبهذا فارق نظيره في المكاتب والغازي وابن السبيل حيث ينقطع حقهم "وفي إقراء" الوجه قول أصله وفي قرى (٣) "الضيف وعمارة المسجد" وبناء القنطرة وفك الأسير ونحوها من المصالح العامة "يعطى" المستدين لها "من الزكاة عند العجز عن النقد" لا عن غيره كالعقار وعلى هذا جرى الماوردي والروياني وغيرهما وقال السرخسي حكمه حكم ما استدانه لمصلحة نفسه وحكى في الأصل المقالتين بلا ترجيح وقدم الثانية ولتقديمها فهم شيخنا أبو عبد الله الحجازي في مختصر الروضة أنها المعتمدة فرجحها عكس ما فعل المصنف وبه جزم صاحب الأنوار وقال الأذرعي الذي يقتضيه كلام الأكثرين ما قاله السرخسي. قال والحاصل من كلامهم في ذلك طريقان أشهرهما أنه كما لو استدانه لنفسه وثانيهما طريقة الماوردي وهي طريقة مترددة بين استدانته لنفسه واستدانته لإصلاح ذات البين.

"فرع وإن بان القابض" للزكاة "من المالك غنيا أو غير غارم" أو غيره ممن لا يستحقها "لم يجزه وإن أعطاه" إياها "ببينة" شهدت بالوصف الذي أعطاه به لانتفاء شرطه وخرج بالمالك الإمام وسيأتي أواخر الباب وفي معنى المالك وليه ووكيله "وإن دفعها لمديونه وشرط أن يعطيه إياها عن دينه لم يجزه" ولا يصح قضاء الدين بها كما صرح به أصله "لا إن نويا" ذلك ولم يشترطاه فإنه يجزئ ويصح القضاء بها "وإن وعده الفقير بلا شرط من المالك" بأن قال له أعطني


(١) "قوله: وكذا لو مات إلخ" لأن الحي محتاج إلى وفاء دينه والميت إن كان عصى به أو بتأخيره فلا يناسب الوفاء عنه، وإلا فهو غير مطالب به ولا حاجة له، والزكاة إنما تعطى لمحتاج.
(٢) "قوله: ولم يتعين للزكاة بالبلد" هذه صورة المسألة.
(٣) "قوله: الوجه قول أصله وفي قرى" هو كذلك في بعض النسخ.