"وله العدول عن الغالب إلى الأصلح للاقتيات"(١) بل هو أفضل لأنه زاد خيرا فأشبه ما لو دفع بنت لبون أو حقة أو جذعة عن بنت مخاض ويخالف زكاة المال حيث لا يجزئ فيها جنس أعلى لأن الزكاة ثم متعلقة بعين المال فأمر بمواساة المستحقين مما واساه الله والفطرة زكاة البدن فوقع النظر فيها إلى ما هو غذاؤه وبه قوامه والأعلى يحصل به هذا الغرض وزيادة فأجزأ "ولو كان الواجب أعلى قيمة فالشعير خير من التمر والتمر خير من الزبيب" فالشعير خير من الزبيب نظرا للاقتيات (٢).
"ولا يجزئ صاع من جنسين" وإن كان أحدهما أعلى من الواجب كأن وجب التمر فأخرج نصف صاع منه ونصفا من البر لظاهر خبر صاعا من تمر أو صاعا من شعير كما لا يجزئ في كفارة اليمين أن يكسو خمسة ويطعم خمسة.
"ولو أخرج عن اثنين" كعبد به أو قريبيه "صاعين أحدهما من قوت البلد والآخر من أعلى جاز" كما يجوز أن يخرج لأحد جبرانين شاتين وللآخر عشرين درهما "وكذا إن ملك نصفين من عبدين جاز تبعيض الصاع" لتعدد المخرج عنه "لا إن ملكا عبدا" فلا يجوز تبعيض الصاع المخرج عنه ويخرج من غالب قوت بلد العبد بناء على أن الفطرة تجب ابتداء على المؤدى عنه "والمبعض ومن في نفقة والديه كالعبد مع السيدين" فلا يجوز التبعيض في فطرتهما ويخرج من غالب قوت بلديهما وما ذكره في هاتين والتي قبلهما من عدم جواز التبعيض عكس المصحح في الأصل وفي المنهاج في صورة العبد والخلاف كما قال الرافعي وغيره مبني على أن الفطرة تجب ابتداء على المؤدى عنه أو على المؤدي والأصح الأول.
وقضيته أن الأصح ما قاله المصنف وصححه السبكي والإسنوي وغيرهما قال السبكي وغيره وقال المحاملي إنه مذهب الشافعي على أن كلام الأصل يمكن
(١) "قوله وله العدول إلى الأصلح للاقتيات" بالنظر للغالب لا لبلده نفسه. (٢) "قوله نظرا للاقتيات" قال الجاربردي في شرح الحاوي والأرز خير من الشعير. ا هـ. وظاهر أن الأرز خير من التمر لغلبة الاقتيات به وعبارة الطراز المذهب وأعلاها البر ثم الأرز ثم الشعير ثم التمر ثم الزبيب قال شيخنا هذا والأوجه تقديم الشعير على الأرز.