فيه كغيرهم قال السبكي وعلى هذا ينبغي إذا عرف من شخص أو بلد ما عرف من أهل البصرة يجري عليه حكمهم انتهى وكلام الأصحاب يخالف ذلك وخرج ببعد بدو الصلاح ما قبله (١) فإن الخرص لا يتأتى فيه إذ لا حق للمستحقين ولا ينضبط المقدار لكثرة العاهات قبل بدو الصلاح عليه "وعليه" أي الخارص "أن يشاهد كل واحدة" من الأشجار بأن يرى جميع عناقيدها "ويقدر ثمرتها أو ثمرة كل النوع رطبا" بفتح الراء وسكون الطاء "ثم يابسا" لأن الأرطاب تتفاوت وإنما جاز في النوع أن يخرص الكل رطبا ثم يابسا لأن لحمه لا يتفاوت وخرصه كذلك أسهل لكن خرص كل ثمرة أحوط "ولا يترك للمالك شيئا" خلافا لما نص عليه في القديم من أنه يترك له نخلة أو نخلات يأكلها أهله لخبر أبي داود وغيره بإسناد صحيح "إذا خرصتم فجذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع"(٢) وهذا الخبر حمله الشافعي في أحد نصيه في الجديد على أنهم يدعون له ذلك ليفرقه بنفسه على فقراء أقاربه وجيرانه لطمعهم في ذلك منه وهذا ما زاده المصنف بقوله "لا للتفرقة".
"فرع يكفي الخارص" واحد لأن الخرص ينشأ عن اجتهاد فكان كالحاكم ولخبر أبي داود السابق قال الرافعي وما روي أنه بعث مع ابن رواحة غيره يجوز أن يكون في مرة أخرى وأن يكون معينا أو كاتبا "ويشترط عدل" في الرواية لأن الفاسق والكافر والصبي والمجنون لا يقبل خبرهم "عالم بالخرص" لأن الجاهل بالشيء ليس من أهل الاجتهاد فيه "وكذا" يشترط "حر ذكر" لأن الخرص ولاية وغير الحر الذكر ليس من أهلها.
"فرع الخرص للتضمين" ينتقل به الحق من العين إلى ذمة المالك (٣) لأن
(١) "قوله وخرج ببدو الصلاح ما قبله إلخ" نعم إن بدا صلاح نوع دون آخر ففي جواز خرص الكل وجهان في البحر والأوجه عدم جوازه. (٢) أبو داود في كتاب الزكاة، باب في الخرص حديث "١٦٠٥". (٣) "قوله ينتقل به الحق من العين إلى ذمة المالك" ظاهر عبارته اختصاص التضمين بالمالك وليس كذلك بل لو خرص الساعي ثمرة بين مسلم ويهودي وضمن الزكاة الواجبة على المسلم لليهودي جاز كما ضمن عبد الله بن رواحة اليهود الزكاة الواجبة على الغانمين حكاه البلقيني قال وإذا كان المالك صبيا أو مجنونا فالتضمين يقع للولي فيتعلق به كما يتعلق به ثمن ما اشتراه له والخطاب في الأصل يتعلق بمال الصبي.