للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإلا حرم لأن المموه به لقلته كالمعدوم، وهذا ما صرح به ابن الرفعة وغيره أخذا من كلام الإمام (١)، وهو حسن، وإن خالف مقتضى ما في الرافعي من أنه يحرم مطلقا، وما في الروضة من أنه لا يحرم مطلقا، وذكرا مع التمويه في الثانية التغشية. واكتفى المصنف عنها بالتمويه".

وتضبيب الإناء بذهب حرام" مطلقا لأن الخيلاء فيه أشد من الفضة"وكذا كبيرة" أي، وكذا تضبيبه بضبة كبيرة"في العرف بفضة لغير حاجة" بأن كانت لزينة أو بعضها لزينة، وبعضها لحاجة.

"فإن كانت صغيرة لحاجة الإناء" إلى الإصلاح"لم تكره" لصغرها مع الحاجة، ولما روى البخاري أن قدح النبي الذي كان يشرب فيه كان مسلسلا بفضة (٢) لانصداعه أي مشبعا بخيط فضة لانشقاقه"أو" صغيرة"فوق حاجته" بأن كانت لزينته أو بعضها لزينته، وبعضها لحاجته"أو كبيرة لحاجته كرهت"، ولم تحرم لصغرها في الأول، وللحاجة إليها في الثاني فإن شك في كبرها فالأصل الإباحة قاله في المجموع، وأصل ضبة الإناء ما يصلح به خلله من صفيحة أو غيرها، وإطلاقها على ما هو للزينة توسع.


(١) "قوله: أخذا من كلام الإمام" وهو حسن وقال الأذرعي الوجه الجزم به انتهى.
وعبارة الإمام لأن الإناء من رصاص أدرج فيه ذهب مستور قال ابن الرفعة والأظهر أن يفصل، فإن كان للرصاص جرم يمكن أن ينفصل فلا يحرم وإليه يرشد قول الإمام أنه إناء رصاص أدرج فيه ذهب انتهى وكان المصنف أخذه من قوة كلام الروضة والذي في العزيز لو اتخذ إناء من ذهب أو فضة وموهه بنحاس أو غيره، فإن قلنا التحريم لعين الذهب والفضة حرم وإن قلنا لمعنى الخيلاء فلا فترجيح زيادة الروضة أنه لا يحرم لا بد من تقييده بانتفاء ظهور الخيلاء الذي هو شرط للتعليل بالعين، وفي ضبط انتفاء ظهور الخيلاء بالتحصل نظر إذ التمويه بنحاس يتحصل منه قدر يسير بالعرض على النار قد لا يمنع ظهور الخيلاء قوله كالإناء المهيأ منهما للبول فيه" فإن الاستنجاء بأحجار الذهب والفضة ليس باستعمال لأنه ليس في الأواني ولا في اللبس ونحوه بخلاف البول في آنية الذهب والفضة فإنه يعد مستعملا لها بل الخيلاء فيه أكثر من الأكل والشرب ولو مسح الإنسان شيئا من بدنه بسبيكة ذهب أو فضة لم يحرم عليه لأنه مسح والاستنجاء مثله.
(٢) رواه البخاري، كتاب فرض الخمس، باب ما ذكر من درع النبي ، حديث ٣١٠٩.