الجاهلية" (١) "ولا يعذب به" أي بشيء من ذلك "ميت لم يوص به" قال تعالى: ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ بخلاف ما إذا أوصى به كقول طرفة بن العبد:
إذا مت فانعيني بما أنا أهله … وشقي علي الجيب يا ابنة معبد
وعليه حمل الجمهور خبر الصحيحين "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه" (٢) وفي رواية "الميت يعذب بما نيح عليه" وفي رواية "ما نيح عليه" (٣) قال الرافعي: ولك أن تقول ذنب الميت الأمر بذلك فلا يختلف عذابه بامتثالهم وعدمه وأجيب بأن الذنب على السبب يعظم بوجود المسبب وشاهده خبر "من سن سنة سيئة" (٤) ومنهم من حمله على تعذيبه (٥) بما يبكون به عليه من جرائمه كالقتل وشن الغارات فإنهم كانوا ينوحون على الميت بها ويعدونها فخرا وقال القاضي: يجوز أن يكون الله قدر العفو عنه إن لم يبكوا عليه فإن بكوا وندبوا عذب بذنبه لفوات الشرط وقال الشيخ أبو حامد: الأصح أنه محمول على الكافر وغيره من أصحاب الذنوب
(١) البخاري، كتاب الجنائز، باب ليس منا من شق الجيوب، حديث "١٢٩٤". ومسلم كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية. حديث "١٠٣". (٢) البخاري، كتاب الجنائز، باب قول النبي ﷺ: "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه … " حديث "١٢٨٨"، ومسلم، كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء هله عليه، حديث "٩٢٧". (٣) البخاري، كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت، حديث "١٢٩٢". (٤) رواه مسلم، كتاب العلم، باب من سن سنة حسنة أو سيئة … ، حديث "١٠١٧". (٥) "قوله: ومنهم من حمله على تعذيبه إلخ" ويؤيده الرواية المتقدمة.