وينبغي أن يقال إن كان البكاء (١) لرقة على الميت وما يخشى عليه من عذاب الله وأهوال يوم القيامة فلا يكره ولا يكون خلاف الأولى، وإن كان للجزع وعدم التسليم للقضاء فيكره أو يحرم قال الزركشي: هذا كله في البكاء بصوت أما مجرد دمع العين فلا منع منه واستثنى الروياني ما إذا غلبه البكاء فلا يدخل تحت النهي; لأنه مما لا يملكه البشر "والندب"، وهو كما في الأصل عد محاسن الميت بنحو الصيغة الآتية وقيل عدها مع البكاء كما حكاه النووي في أذكاره وجزم به في مجموعه كأن يقال واكهفاه واجبلاه واسنداه واكريماه "حرام" لما سيأتي وللإجماع كما في المجموع عن جماعة قال فيه وجاء في الإباحة ما يشبه الندب وليس منه، وهو خبر البخاري عن أنس لما ثقل رسول الله ﷺ جعل يتغشاه الكرب فقالت فاطمة وا أبتاه فقال:"ليس على أبيك كرب بعد اليوم" فلما مات قالت: يا أبتاه (٢) جنة الفردوس مأواه يا أبتاه إلى جبريل ننعاه" (٣) "وكذا" يحرم "النوح"، وهو رفع الصوت بالندب قاله في المجموع وقيده غيره بالكلام المسجع وتقدمت هذه بدليلها في جمل الجنائز فهي مكروهة
"و" يحرم "ضرب الخد ونشر الشعر" ونحوهما كتسويد الوجه (٤) وإلقاء الرماد على الرأس ورفع الصوت بإفراط في البكاء لما مر ثم ولخبر الشيخين "ليس منا من ضرب الخدود (٥) وشق الجيوب ودعا بدعوى
(١) "قوله: وينبغي أن يقال إن كان البكاء إلخ" أشار إلى تصحيحه قوله: وقيل عدها مع البكاء إلخ" أسار إلى تصحيحه. (٢) "قووله: "قالت: يا أبتاه" أجاب رباه دعاه يا أبتاه. (٣) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب مرض النبي ﷺ، ووفاته، حديث "٤٤٦٢". (٤) "قوله: كتسويد الوجه إلخ" وكذا تغيير الزي وليس غير ما جرت العادة به، كما قاله ابن دقيق العيد في غاية البيان قال الإمام: والضابط أن كل فعل يتضمن إظهار جزع ينافي الانقياد والاستسلام لله تعالى فهو محرم، انتهى. (٥) "قوله: من ضرب الخدود" خص الخد بذلك لكونه الغالب في ذلك، وإلا فضرب بقية الوجه داخل في ذلك.