للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قبل دخوله مصر، تصنيفًا أو إفتاء. وقد سُمّي «بالقديم» لأنه صنّفه ببغداد أولًا، ثم صنف الجديد بمصر.

ويمثل هذا القديم من كتب الشافعي كتاب «الحُجَّة». ويروي هذا القديم أربعة من جُلَّة أصحاب الشافعي، وهم: أحمد بن حنبل، والزعفراني، والكرابيسي، وأبو ثور.

وقد رجع الشافعي عن أقواله القديمة، وقال: «لا أجعل في حِلٍّ مَنْ رواه عني». وقال: «لا يحل عَدُّ القديم من المذهب».

وقال إمام الحرمين أبو المعالي الجويني: معتقدي أن الأقوال القديمة ليست من مذهب الشافعي حيث كانت؛ لأنه جزم في الجديد بخلافها، والمرجوع عنه ليس مذهبًا للراجع.

ومع هذا الذي قاله الشافعي فليس كل القديم مرجوعًا عنه، فما قاله الشافعي في القديم، أو أفتى به في العراق، فتارة ينص في الجديد على خلافه، وتارة لا يتعرض له. فإن لم يتعرض له في الجديد بشيء نفيًا أو إثباتًا بل ذكر المسألة في القديم، ونص على حكمها، ثم سكت عنها في الجديد، فإن الفتوى تكون عليه - أعني على هذا القديم - ويكون هذا هو مذهب الشافعي ، ولذلك يقول الإمام النووي: «وقولهم: القديم ليس مذهبًا للشافعي أو مرجوع عنه، أو لا فتوى عليه: فالمراد به قديم نص في الجديد على خلافه، أما قديم لم يُخالفه في الجديد - أو لم يتعرَّض لتلك المسألة في الجديد - فهو مذهب الشافعي واعتقاده، ويُعمَل به، ويُفتى عليه؛ فإنه قاله ولم يرجع عنه. وهذا النوع وقع منه مسائل كثيرة، وإنما أطلقوا أن القديم مرجوع عنه ولا عَمَلَ عليه، لكون غالبه كذلك».

وهناك حالة أخرى يُعد القديم فيها مذهبًا للشافعي وهي إذا كان القديم يَعْضُده حديث صحيح لا معارض له؛ ولذلك يقول النووي بعد كلام «هذا كله في قديم لم يعضده حديث صحيح، أما قديم عَضَدَه نص حديث صحيح لا معارض له، فهو مذهب الشافعي ومنسوب إليه إذا وُجِدَ الشرط الذي قدمناه فيما إذا صَحَّ الحديث على خلاف نصه، والله أعلم».

<<  <  ج:
ص:  >  >>