فحاصله أن كثيرين جوزوا الشهادة بذلك على النسب سواء كان المنسوب صغيرا أم كبيرا وصدق أو سكت لأن السكوت في النسب كالإقرار وأن الذي أجاب به الإمام والغزالي المنع وإنما يشهد بالإقرار قال وهذا قياس ظاهر وعبر في الشرح الصغير عن الثاني بأنه الظاهر وكلامه في الكبير يميل إليه أيضا لكن اختار ابن الرفعة في المطلب الأول والأوجه ما جوزه المصنف (١) فإن قلت قضية كلامه في الحكم الثاني أن الراجح ثبوت النسب بالإقرار به حال السكوت وهو ما جزم به أصله هنا كما رأيت فيخالف عكسه المعتمد الذي جرى هو عليه في الإقرار قلت لا نسلم أن قضيته ذلك فإن قلت فيلزم على عدم ثبوته به أن الراجح عدم جواز الشهادة بذلك قلت لا نسلم لجواز أن يصدقه بعد سكوته فينكر إقراره فيقيم البينة به ليثبت النسب
"فرع يثبت أيضا بالاستفاضة الموت (٢) " كالنسب ولأن أسبابه كثيرة فمنها ما يخفى ومنها ما يظهر وقد يعسر الاطلاع عليها فجاز أن يعتمد على الاستفاضة ويثبت بها "الولاء والعتق والوقف (٣) والزوجية (٤) " لأنها أمور مؤبدة فإذا طالت مدتها عسر إقامة البينة على ابتدائها فمست الحاجة إلى إثباتها بالاستفاضة ولأنها شهادة على الحاصل بالعقد فأشبهت الشهادة على الملك المطلق وهذا ما رجحه النووي في كتبه وقال الإسنوي الصواب الذي به الفتوى إنما هو المنع فقد نص عليه الشافعي ونقله عنه ابن الرفعة وإذا قلنا بالأول قال النووي في فتاويه لا يثبت بها شروط الوقف وتفاصيله بل إن كان وقفا على جماعة معينين أو جهات متعددة قسمت الغلة بينهم بالسوية أو على مدرسة مثلا وتعذرت معرفة الشروط
(١) "قوله والأوجه ما جوزه المصنف" هو الراجح (٢) قوله الموت" قال الماوردي إذا أراد أن يعزو موته إلى أسبابه لم يجز إلا بالمشاهدة كما لا يعين بسبب الملك إلا بالمشاهدة إلا أن يكون السبب الميراث فيجوز لأن الميراث يستحق بالنسب والموت وكلاهما بالاستفاضة (٣) "قوله والوقف" أي ولو على معين وكتب أيضا قال البلقيني محله عندي فيما إذا أضيف إلى ما يصح الوقف عليه فأما مطلق الوقف فلا يجوز أن يكون مالكه وقفه على نفسه واستفاض أنه وقف وهو وقف باطل وهذا مما لا توقف فيه (٤) "قوله والزوجية" لو ثبت النكاح بالاستفاضة ولم يثبت الصداق فهل يجب مهر المثل أو قوله فهل يجب مهر المثل أشار إلى تصحيحه.