شاء الله فقد استثنى" (١) رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه ولأن المشيئة المعلق بها غيره معلومة ولأن التعليق بها يقتضي حدوثها بعده كالتعليق بمشيئة زيد ومشيئته تعالى قديمة لا يتصور حدوثها فإن لم يقصد بالمشيئة التعليق بأن سبقت إلى لسانه لتعوده بها كما هو الأدب أو قصد بها التبرك أو أن كل شيء بمشيئته تعالى أو لم يعلم هل قصد التعليق أو لا طلقت وليس هذا كالاستثناء المستغرق لأن ذاك كلام متناقض غير منتظم والتعليق بالمشيئة منتظم فإنه قد يقع معه الطلاق وقد لا يقع كما تقرر "وكذا يمتنع بها انعقاد سائر التصرفات" كالعتق والنذر واليمين والبيع (٢) والتعليق لقوله أنت طالق إن دخلت الدار إن شاء الله "ومتى وإذا" ونحوهما "مثل إن" فيما ذكر.
"وتقديم التعليق" على المعلق به "كتأخيره" عنه كقوله إن شاء الله أنت طالق "ولو فتح" همزة "إن أو أبدلها بإذ أو بما" كأنت طالق أن شاء الله بفتح الهمزة أو إذ شاء الله أو ما شاء الله "طلقت في الحال واحدة" لأن الأولين للتعليل، والواحدة هي اليقين في الثالث وسواء في الأول النحوي وغيره كما صرح الأصل بتصحيحه هنا لكن المصنف فرق بينهما تبعا لترجيح المنهاج ولترجيح الروضة أوائل التعليق وقبيل التعليق بالحل ونبه على ذلك في المحل الأول.
"ولو قال أنت طالق واحدة وثلاثا" أو واثنتين كما صرح به الأصل "إن شاء الله طلقت واحدة" لاختصاص التعليق بالمشيئة بالأخير (٣) كما في الاستثناء
(١) رواه أبو داود "٣/ ٢٢٥" كتاب الأيمان والنذور حديث "٣٢٦١"، "٣٢٦٢" والترمذي "٤/ ١٠٨" كتاب النذور والأيمان، حديث "١٥٣١"، ورواه النسائي "٧/ ٢٥" كتاب الأيمان والنذور باب الاستثناء، حديث "٣٨٢٨"، وابن ماجه "١/ ٦٨٠" كتاب الكفارات حديث "٢١٠٥". (٢) "قوله واليمين والبيع" أي والظهار وإن قال بعضهم بأنه يكون مظاهرا أو يلغو الاستثناء وفرق بأن الظهار إخبار والإخبار عن الواقع لا يعلق بالصفات بخلاف الإنشاء والصحيح أن الظهار كغيره في صحة الاستثناء كما صرح به إمام الحرمين وغيره وصرحوا بأنه إنشاء لا إخبار. (٣) "قوله لاختصاص التعليق بالمشيئة بالأخير إلخ" محل الخلاف ما إذا لم ينو المتكلم عود الاستثناء إلى الجملتين فإن نوى ذلك عاد إليهما جزما كذا ذكره الرافعي في أول الأيمان فتفطن له وسيأتي قريبا ما يشهد لما ذكره من عود الاستثناء إلى الجميع وأنه مذهب الشافعي وكذلك العمل بالنية أيضا. ا هـ. لأن المجموع بالواو كالجملة الواحدة قال شيخنا وهذا يوافق ما حملت عليه كلام ابن المقري في المسألة التي تليها حتى يصير الجميع على وتيرة واحدة وقوله كذا ذكره الرافعي إلخ قال شيخنا عليه أيضا مثله ما إذا أطلق فيعود إليهما على قاعدة الباب فكلام المتن محمول على ما إذا قصد بالاستثناء الأخير فقط.