تزويج البكر" (١) بمهر مثلها من نقد البلد من كفء لها موسر بالمهر "مطلقا" أي سواء أكانت صغيرة أم كبيرة "بغير إذنها" (٢) لخبر الدارقطني "الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يزوجها أبوها (٣)" ورواية مسلم "والبكر يستأمرها أبوها (٤)" حملت على الندب ولأنها لم تمارس الرجال بالوطء فهي شديدة الحياء أما إذا كان بينه وبينها عداوة ظاهرة فليس له تزويجها إلا بإذنها (٥) بخلاف غير الظاهرة; لأن الولي يحتاط لموليته لخوف العار ولغيره (٦) وعليه يحمل إطلاق الماوردي والروياني الجواز. قال الشيخ ولي الدين العراقي: وينبغي أن يعتبر في الإجبار أيضا انتفاء العداوة بينها وبين الزوج انتهى.
وإنما لم يعتبر ظهور العداوة هنا كما اعتبر ثم لظهور الفرق بين الزوج والولي المجبر بل قد يقال لا حاجة إلى ما قاله; لأن انتفاء العداوة بينها وبين الولي يقتضي أن لا يزوجها إلا ممن يحصل لها منه حظ ومصلحة لشفقته عليها أما مجرد كراهتها له فلا يؤثر، لكن يكره لوليها أن يزوجها منه كما نص عليه في الأم. "لا الثيب" وإن عادت بكارتها فلا يزوجها الأب والجد "إلا بإذنها بالنطق" للخبر السابق ولأنها مارست الرجل بالوطء "بالغة" فلا يزوج الصغيرة الثيب حتى تبلغ (٧) لعدم اعتبار
(١) "قوله: تزويج البكر" أي ولو طرأ سفهها. (٢) "قوله بغير إذنها" قال ابن عبد البر لما أجمعوا على أن له تزويجها صغيرة وهي لا إذن لها صح بذلك أن يزوجها بغير إذنها كبيرة إن كانت بكرا; لأن النص إنما ورد بالفرق بين الثيب والبكر. (٣) صحيح: رواه أبوداود"٢/ ٢٣٢" كتاب النكاح، باب في الثيب، حديث"٢٠٩٨" والدارقطني"٣/ ٢٣٨". (٤) رواه مسلم، كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق حديث"١٤٢١". (٥) "قوله فليس له تزويجها إلا بإذنها" فلا يخالفه ما قاله الماوردي والروياني من أنه باق على ولايته. (٦) "قوله ولغيره" معطوف على قوله لخوف العار. (٧) "قوله فلا تزوج الصغيرة الثيب حتى تبلغ إلخ" قال ابن العماد والثيب الصغيرة تزوج في عشر صور: الأولى إذا خلقت ثيبا، الثانية أن تكون أمة، الثالثة أن تكون مجنونة، الرابعة أن يزوجها أبوها الكافر، الخامسة أن يزوجها جدها الكافر، السادسة أن يزوجها أخوها أو عمها الكافر، السابعة أن تزول بكارتها بغير وطء، الثامنة أن يزوجها حاكم الكفرة، التاسعة أن تزوج نفسها، العاشرة أن يقهرها كافر على النكاح ويعتقدون ذلك نكاحا والبالغة الموطوءة لا تجبر إلا في خمس صور في البالغة المجنونة وفي الأربع صور السابقة في نكاح الكفار.