تعالى أعطى العبد ثلث ماله في آخر عمره "ويستحب أن ينقص منه"(١) شيئا خروجا من خلاف من أوجب ذلك، ولأنه ﷺ استكثر الثلث، قال في الأصل: وقيل: إن كان ورثته أغنياء استوفى الثلث وإلا فيستحب النقص وهذا ما جزم به النووي في شرح مسلم (٢)، ونقله عن الأصحاب ونص عليه في الأم وصوبه الزركشي "والاعتبار" في كون الموصى به ثلث المال "بيوم الموت"(٣) لا بيوم الوصية (٤)؛ لأنها تملك بعد الموت "فلو أوصى بثلث ماله ثم كثر" أو تلف ثم كسب مالا أو لم يكن له مال ثم كسبه "لزمه" يعني وارثه "ثلثه" ولو أوصى بقدر الثلث عند الوصية ولم يف به الثلث عند موته افتقر إلى الإجازة في الزائد أو بأكثر من الثلث عند الوصية ووفى به الثلث عند موته لم يفتقر إليها "ولا تنفذ" الوصية "إلا في الثلث الفاضل عن الدين" لأنه مقدم عليها كما مر في الفرائض "فإن" كان عليه دين مستغرق ولم تنفذ الوصية في شيء لكن يحكم بانعقادها حتى لو "أبرئ" من الدين "أو قضاه" عنه "آخر فكان لا دين" فتنفذ.
"فرع: التبرعات المنجزة" كهبة ووقف وعتق (٥)"في مرض مخوف متصل بالموت" معتبرة "من الثلث كالوصية" لما مر أول الفصل، وخرج بالمرض التبرعات المنجزة في الصحة فتعتبر من رأس المال، نعم لو وهب شيئا في صحته وأقبضه في مرضه اعتبر من الثلث كما سيأتي; لأن الهبة إنما تملك بالقبض كما مر، واعلم أن قيمة ما يفوت على الورثة يعتبر بوقت التفويت في المنجز، وبوقت الموت في المضاف إليه فسيأتي في باب العتق أنه لا يعتبر لمعرفة الثلث فيمن أعتقه منجزا في المرض قيمة يوم الإعتاق وفيمن أوصى بعتقه قيمة يوم الموت; لأنه وقت
(١) "قوله: ويستحب أن ينقص منه" تكره الوصية بالزيادة على الثلث على الأصح.، قال الأذرعي ويظهر الجزم بالتحريم إذا قصد به حرمان الوارث لما فيه من المضادة وتضييع المال إذ لا ثواب مع هذا القصد المذموم. (٢) "قوله: هذا ما جزم به النووي في شرح مسلم" أشار شيخنا إلى تضعيفه. (٣) "قوله: والاعتبار بيوم الموت" لخبر ابن ماجه "إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة في أعمالكم". (٤) "قوله: لا بيوم الوصية إلخ" والقائل باعتبار يوم الوصية كما لو نذر التصدق بثلث ماله حيث اعتبر يوم النذر، رد بأن ذلك وقت اللزوم فهو نظير الموت في الوصية. (٥) "قوله: كهبة ووقف وعتق" يستثنى من العتق عتق أم ولده في مرضه فإنها تعتق من رأس المال مع أنه تبرع نجز في مرضه.