هو الاستيلاء على مال (١) الغير؛ لأنه يخرج الكلب والسرجين، وجلد الميتة، وخمر الذمي وسائر الاختصاصات كحق التحجر واختار الإمام أنه الاستيلاء على مال الغير بغير حق، وقال لا حاجة إلى التقييد بالعدوان بل يثبت الغصب وحكمه بغير عدوان كأخذه مال غيره بظنه ماله قال في الأصل: والأشبه التقييد به والثابت في هذه الصورة حكم الغصب لا حقيقته وأورد على التعريف السرقة فإنه صادق بها وليست غصبا وأجيب بأنها خرجت بالاستيلاء فإنه يبنى على القهر والغلبة، وفيه نظر والحق أنها غصب أيضا، وإن كانت من حيث إنها سرقة يرتب عليها حكم زائد على الغصب بشرطه، وما قاله المصنف من التعريف هو ما جزم به في أصل المنهاج لكن اختار في الروضة أنه الاستيلاء على حق الغير بغير حق، واعترضه الإسنوي بأن قوله بغير حق ذهول، وصوابه عدوانا لما قدمه من موافقة الرافعي على الفرق بينهما، وإنما قصد الانتقاد على من عبر بالمال قلت الظاهر أنه لم يذهل بل قصد ذلك ليدخل الصورة التي قالها الإمام ولا نسلم أنه وافق الرافعي على الفرق، وإنما نقل كلامه على عادته ثم اختار ذلك وحينئذ فيصح حمل قولهم عدوانا على قوله بغير حق، ويكون ذلك حقيقة الغصب عنده ولا يؤثر عدم الإثم في نحو صورة الإمام؛ لأن الغصب لا يستلزم الإثم كما لا يستلزمه ارتكاب المنهي عنه لتوقفه على العلم بأنه محرم.
(١) "قوله: ولا يصح قول من قال هو الاستيلاء على مال الغير" اعتذر الزركشي عن التعبير بالمال بأنه سيتكلم على أنه يتعلق بالغصب أمران الرد والضمان، وهما إنما يتحققان في المال بخلاف الكلب ونحوه فإن واجبه الرد خاصة وكتب أيضا قال في الأنوار هو حقيقة ضمانا وعصيانا. الاستيلاء على مال الغير بعدوان وحكما ضمانا فقط الاستيلاء عليه بلا عدوان كالقبض بالبيع الفاسد واستعمال الأمانة غلطا، وعصيانا فقط الاستيلاء على حق الغير عدوانا كالسرجين والكلب المعلم والخمر المحترمة والحبة والحبتين من الحنطة ونحوها. "تنبيه" في الكافي لو رأى مال غيره يغرق أو يحترق فأخذه حسبة ليرده فتلف قبل إمكان الرد أو استنقذ شاة من الذئب ليردها على مالكها، وهو يعرفه فتلفت قبل إمكان الرد أو وقعت بقرة في الوحل فجرها لمالكها فماتت لا بسبب الجر ففي الضمان في هذه الصور وجهان والأصح عندي لا ضمان عليه في هذه الصور الثلاث وجها واحدا وقوله: قال والأصح عندي إلخ أشار إلى تصحيحه.