فقال والذي يقتضيه القياس عندي أنه لا يمين على الآخر وعلله بما قدمته قال ولو قال رهنتني كذا بألف أقبضتكها فقال بل بألف لم أقبضها صدق المالك بيمينه لأن الأصل عدم القبض فإذا حلف بطل الرهن لأنه إنما يكون بحق في الذمة وما قاله في هذه نقله السبكي عن الشافعي وصاحب الاستقصاء ثم قال وهو محمول على ما إذا أنكر الدين (١) جملة فإن اعترف به وادعى أن الرهن كان قبل ثبوته فينبغي أن يتخرج على اختلافهما في الصحة والفساد فيصدق مدعي الصحة على الأصح
"فرع لو" اختلفا من غير اتفاق على صحة عقد بأن "ادعى أحدهما الفساد" والآخر الصحة "صدق مدعي الصحة" بيمينه وإن كان الأصل عدمها لأن الظاهر معه (٢) إذ الظاهر من حال المكلف اجتنابه الفاسد وقدم على الأصل لاعتضاده بتشوف الشارع إلى انبرام العقود ولأن الأصل عدم المفسد في الجملة (٣) واستثني من ذلك ما إذا باع ذراعا من أرض وهما يعلمان ذرعانها فادعى أنه أراد ذراعا معينا وادعى المشتري الإشاعة فالمصدق البائع لأنه أعرف بإرادته كما مر وما إذا اختلفا هل وقع الصلح على إنكار أو اعتراف فالمصدق مدعي وقوعه على الإنكار لأنه الغالب كما سيأتي في بابه وما إذا قال المرتهن أذنت في البيع بشرط رهن الثمن وقال الراهن بل مطلقا فالمصدق المرتهن كذا قاله الزركشي (٤) وليس مما نحن فيه لأن الاختلاف بعد تسليم الحكم المذكور لم يقع من العاقدين ولا من نائبهما وما إذا قال المشتري (٥) لمغصوب كنت أظن القدرة على
(١) "قوله وهو محمول على ما إذا أنكر الدين إلخ" أشار إلى تصحيحه. (٢) "قوله لأن الظاهر معه" والأصل عدم المفسد فجانب الصحة اجتمع فيه أمران الأصل والظاهر وجانب الفساد اعتضد بأصل مجرد وكتب أيضا لأن من أقدم على عقد كان في ضمنه الاعتراف بوجود شرائطه حتى لا يسمع منه خلاف ذلك إلا أن يذكر تأويلا وكتب أيضا قال ابن دقيق العيد ومن ذلك أن الحاكم إذا حكم في واقعة ولم يذكر أنه استوفى الأوضاع الشرعية في حكمه أنه يعمل به ولا فرق في تصديق مدعي صحة العقد بين المسلم والكافر. (٣) "قوله لأن الأصل عدم المفسد في الجملة" خرج بقيد الجملة ما لو كان المفسد عدم الشيء كالرؤية منه. (٤) قوله قاله الزركشي" قال شيخنا هو الأصح بل سيأتي في الرهن في كلامه أي ابن المقري. (٥) "قوله وما إذا قال المشتري إلخ" قال الشيخان لو قال هذا الذي بعتنيه حر الأصل وقال البائع بل هو مملوك إن القول قول البائع وجعلا دليلا لأحد الوجهين في دعوى الشرط وقضية ما ذكراه أن القول قول مدعي الصحة في هذه الصورة قطعا لكنهما ذكرا بعد ذلك بنحو ورقة أنه لو كان في يده عصير فوجدناه خمرا بعد البيع وقال المشتري كان عند الشراء خمرا وأنكر البائع كان على الخلاف في دعوى الصحة والفساد قال السبكي فيحتاج الفرق بينه وبين دعوى الحرية ا هـ. والفرق بينهما من وجهين أحدهما: أن يد البائع ثابتة على العبد ودعوى المشتري الحرية لا دليل عليها بخلاف دعوى الخمر فإن ثبوت الخمرية الآن دليل على ثبوتها في الزمان الماضي أخذا من قاعدة الاستصحاب المعكوس وأيضا القياس أن لا يقبل قول المشتري في دعوى الخمرية لكن شاهد الخمرية اقتضى تصديقه بالطريق السابق ولا شاهد معه في دعوى الحرية فقطع فيها بتصديق البائع الثاني أن دعوى الحرية إثبات حق لثالث وهو العبد والعبد لم يدع ذلك ولم يثبت فبطل دعوى المشتري قطعا بخلاف مسألة العصير فإنه ليس فيها إثبات حق لثالث بل دعوى إزالة مجردة.