الجزار أجرة منه" بل هو على المضحي والمهدي كمؤنة الحصاد لخبر الصحيحين عن علي ﵁ قال أمرني رسول الله ﷺ أن أقوم على بدنه فأقسم جلالها وجلودها وأمرني أن لا أعطي الجزار منها شيئا وقال نحن نعطيه من عندنا (١) ; ولأنه إنما أخرج ذلك قربة فلا يجوز أن يرجع إليه إلا ما رخص له فيه، وهو الأكل وخرج بأجره إعطاؤه منه لفقره وإطعامه منه إن كان غنيا فجائزان.
"ويجب التصدق بشيء منها" يعني من لحوم ما ذكر، ولو جزءا يسيرا (٢) ينطلق عليه الاسم فيحرم عليه أكل جميعها للآية السابقة; ولأن المقصود إرفاق المساكين، ولا يحصل ذلك بمجرد إراقة الدم بل "يملكه الفقراء" المسلمين "نيئا" (٣) ليتصرفوا فيه بما شاءوا من بيع وغيره كما في الكفارات فلا يكفي جعله طعاما ودعاء الفقراء إليه; لأن حقهم في تملكه لا في أكله، ولا تمليكهم له مطبوخا، ولا تمليكهم غير اللحم من جلد وكرش وكبد وطحال ونحوها وشبه المطبوخ هنا بالخبز في الفطرة.
"ولا يجوز تمليك الأغنياء" (٤) شيئا من ذلك كما في صدقة الفطر وكفارة اليمين; ولأن الآية دلت على الإطعام لا على التمليك. والمراد أنه لا يملكهم ذلك ليتصرفوا فيه بالبيع ونحوه بل بالأكل كما نبه عليه بقوله "ويجوز الإهداء إليهم" وإطعامهم كما صرح به الأصل وأفهم كلامهم أنه لا يجوز إطعام الفقراء وتمليكهم من الزائد على ما يجب تمليكه نيأ ويتصرفون فيه بجميع التصرفات "ولا تغني
(١) البخاري في كتاب الحج باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئا حديث "١٧١٦" ومسلم في كتاب الحج باب في الصدقة بلحوم الهدي وجلودها زجلالها حديث "١٣١٧". (٢) "قوله، ولو جزءا يسيرا إلخ" قال البلقيني: إنه لا يكفي القدر التافه كما اقتضاه كلام الماوردي، ولا القديد على الظاهر، ولم يتعرضوا له وقوله قال البلقيني أشار إلى تصحيحه. (٣) "قوله يملكه الفقراء نيئا" ويجزئ على فقير واحد قال الناشري قد يقال ما معنى هذا الوجوب أيعصي إذا لم يفعل ذلك أم الوجوب لتأدي السنة فقط؟ وفي ذلك احتمالان جرى القاضي رضي الدين الناشري على الثاني وظاهر وضع كثير من الأئمة الأول. (٤) "قوله، ولا يجوز تمليك الأغنياء" قال البلقيني يستثنى ضحية الإمام من بيت المال فيملك الأغنياء ما يعطيهم منها قال شيخنا لعل وجهه أن الأصل في مال بيت المال اشتراك الناس فيه في الجملة وقوله: قال البلقيني إلخ أشار إلى تصحيحه.