وكانت وفاتُهُ في قَصرهِ بالعقيقِ فحُمِلَ إلى المدينةِ، وقال حين حضرهُ الموتُ: لا تضربُوا عليَّ فُسطاطًا، ولا تتبَعُوني بمجمَرةٍ، وأسرعُوا بي، ولا تَنُوحُوا عليَّ (١). ويُروى أن مروانَ دخل عليه في شكواه (٢) التي مات فيها، فقال: شفاكَ اللهُ، فقال أبو هريرة: اللهُمَّ إنِّي أحبُّ لقاءَكَ فأحبَّ لقائِي، فما بلغَ مروانُ وسطَ السُّوقِ حتَّى ماتَ (٣).
وقال أبو سلمة بنُ عبدِ الرَّحمنِ: دخلتُ عليه وهو شديدُ الوجَعِ، فاحتضنتُهُ، وقلت: اللَّهُمَّ اشفهِ، فقال: اللهم لا، يُرَجِّعُها، قالها مرَّتَينِ، ثم قال: إن استطعتَ أن تموتَ فَمُت، فالذي نفسُ أبي هُريرةَ بيدهِ ليأتينَّ على النَّاسِ زمانٌ يمرُّ الرَّجُلُ على قبرِ أخيهِ فيتمنَّى أنَّه صاحبُهُ (٤)، بل كان -رضي الله عنه- دَعَا أن لا تدركَهُ سنةُ سِتِّينَ كما تقدَّمَ.
[٥٠١٢] أبو الهيثم بنُ التَّيْهانِ -بالتخفيفِ عند أهلِ الحجازِ (٥) وشدَّدَهُ ابنُ الكلبِيِّ (٦) - البَلَوِيُّ القُضَاعيُّ (٧)
حليفُ بني عبدِ الأشهلِ، وأحدُ نُقبَاءِ الأنصارِ، وقيل: إنَّهُ أنصاريٌّ من
(١) أخرجه أحمد في "المسند" ٢/ ٢٩٢، وسنده صحيح كما قال الحافظ في "الإصابة" (٤/ ٢١٠). (٢) في الأصل: "سكواة"، وهو خطأ، والتصويب من كتب التراجم الآتية بعده. (٣) "الطبقات الكبرى" ٤/ ٣٣٩، "تاريخ دمشق" ٦٧/ ٣٨٥، "سير أعلام النبلاء" ٢/ ٦٢٥. (٤) "الطبقات الكبرى" ٤/ ٣٣٧، "تاريخ دمشق" ٦٧/ ٣٧٩. (٥) "الاشتقاق" لابن دريد ص: ٤٤٥. (٦) وكذا اختاره ابن ناصر الدين الدمشقي في "توضيح المشتبه" (٩/ ١٥). (٧) "الطبقات الكبرى" ٣/ ٤٤٧، "طبقات ابن خياط" ص ٧٨، "الجرح والتعديل" ٨/ ٢٠٧، "الاستيعاب" ٤/ ٣٣٦.