وُلِدَ سنةَ تسعٍ وثلاثينَ، وقِيل: في التي بعدَها. كانَ أميرَ المدينةِ لعبدِ الملكِ بنِ مَروانَ كما سَيأتي في: الحَسَنِ بنِ الحسنِ بنِ عليٍّ، ثُمَّ صَارَ أَمِيرَ الحَرَمَيْنِ والحِجَازِ والعراقِ، ذَكَرَ المَسْعُودِيُّ (٥) أنَّه وُلِدَ مُشَوَّهاً لا دُبرَ لَهُ، فَنُقِّبَ عَنْ دُبرهِ، وأنَّه لما وُلد أبى أن يقْبَلَ ثَدْيَ أُمِّهِ وغيرِها، فأعيَاهُم أمرُه، فيُقالُ: إنَّ الشَّيطانَ تَصَوَّرَ لهُم في صُورةِ الحارثِ بنِ كَلَدَةَ الطَّائفيِّ حَكيمِ العَرَبِ، فقالَ: مَا خَبَرُكُمْ؟ فأخْبَرُوهُ، فَقَالَ اذْبَحُوا جَدْياً أسودَ، وأولغُوهُ دمَه، فَفَعَلُوا بِهِ ذلكَ ثَلاثَ مرَّاتٍ، فَصَارَ لا يَصْبِرُ عنْ سفكِ الدِّماءِ، وكانَ يُخبرُ عَنْ نَفْسِهِ أن ذلك أكبرُ لَذَّاتِهِ.
وكان يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ في الطَّائِفِ كَأَبِيهِ، واسْمُهُ كُلَيْب، وتَرْجَمَتُهُ مِنْ أَقْبَحِ التَّرَاجِمِ، قَتَلَ عبدَ اللهِ بنَ الزُبيرِ، ورَمَى بالمنْجَنِيق (٦) إلى الكَعْبَةِ، وغيَّرَ مِنها ما بَنَاهُ ابنُ الزُّبيرِ، ثُمَّ
(١) "الطبقات" ١/ ١٥٦ (١٣٧). (٢) بفتح القاف. انظر: "الاشتقاق"، لابن دريد ص: ٣٠١. (٣) تحرَّفت في المخطوط: قسي. وانظر: "جمهرة النسب"، للكلبي ٣٨٥، و "وفيات الأعيان" ٢/ ٢٩. (٤) "الكامل"، لابن الأثير ٤/ ٢٨٤، و "سير أعلام النبلاء" ٤/ ٣٤٣. (٥) "مروج الذهب ومعادن الجوهر" ٣/ ١٥١. (٦) المنجنيق: آلةٌ تستخدم لرمي الحجارة على الأعداء في الحرب في حصار المدن وغير ذلك، وله أنواع عديدة. انظر: "الجيش والقتال في صدر الإسلام"، لمحمود أحمد عواد ص ٣٩٦.