الأسيوطيِّ (١) بعد أن عُيِّنتْ للشَّمسِ الشُّروانيِّ، وتألمَ الشَّمسُ كثيرًا، ولم يقبل بعد ذلك وظيفةً، وكذا قرأ صاحبُ الترجمةِ على شيخِنا في "شرح الحاوي" لابن الملقِّنِ دروسًا شاركتُهُ فيها، وآلَ أمرُهُ بعد هذا كلِّهِ إلى التوجُّه للمدينةِ النبويَّةِ بعدَ أن حجَّ، فَقَطَنَها يُقرئُ ويُفيدُ، فكانَ ممَّنْ قرأ عليه بها في سنةِ ثمان وخمسين "البخاريَّ" أحمدُ بنُ بشرٍ (٢) المدَنيُّ المؤذِّنُ.
ومِمَّنْ أَخَذَ عنه في الفقهِ، وأصولِهِ، والعربيَّةِ: صلاحُ الدِّين ابنُ صالحٍ القاضي الآنَ، وقرأ هو مصنَّفِيَ "القولَ البديعَ" أوَّلَ ما أرسلتُ به حين تصنيفِهِ بالمدينةِ، وراسَلَنِي في الثناءِ عليه، وبالتزامِ قراءَتَهِ في رمضانَ كُلَّ سَنَةٍ، ولم يلبثْ أن وَرَدَ القَاهِرَةَ، واجتمعتُ به فأعلمَنِي بقراءته في الرَّوضَةِ الشَّريفَةِ، وتوجَّه منها لزيارَةِ بيتِ المَقْدِسِ، ثمَّ عادَ إليها، وسافرَ في البحرِ عائدًا إلى طيبةَ، فَغَرِقَ مع جمعٍ كثير في سنةِ اثنتين وستين، وتأسَّفْنا عليه، فنِعمَ الرَّجلُ كانَ، عوَّضَه اللهُ وإيَّانا الجنةَ.