وقد حَدَّثَ بالحرمين، والقاهرةِ، ودمشقَ، وبلادِ اليمنِ، وكانَ إمامًا، علاَّمةً، فقيهًا، حافظًا، مُفوَّهًا، فصيحًا، له يدٌ طولى في الحديثِ، والتَّاريخِ، والفقه، لم يمتنعْ بعدَ العمى مِن الاشتغالِ بالتَّصنيفِ، ممَّا يدلُّ بوفورِ باعهِ في الجملة؛ وإنِ افتقرَ ذلكَ لتحقيقٍ وتهذيبٍ.
وقد حدَّثنا عنه غيرُ واحدٍ مِن شيوخِنا وأصحابِنا، وهو كما قدَّمتُ ممَّنْ أخذَ عن شيخِنا، وتلمذَ له، وأكثرَ مِن الاستمدادِ منه، والرِّوايةِ، والنَّقل عنه في تصانيفِه، وغيرِها.
وسمعَ منه شيخُنا أيضًا في الرِّحلة. ماتَ في شوَّالٍ سنةَ اثنتين وثلاثين وثمان مئةٍ بمكَّةَ، ودُفنَ بالمَعلاةِ بقربِ الشَّيخِ عليِّ بنِ أبي الكرمِ الشّوليِّ، وكانَ الجمعُ في جنازتِه وافرًا، وكثُرَ الأسفُ عليه، ولم يخلِّفْ بعدَه بالحجازِ في مجموعِه مثلَه، و ترجمتُه محتملةٌ للبسطِ، وقد بلغَ بها في "تاريخه" بمكَّةَ كرَّاسة، رحمَه اللهُ وإيَّانا.