وأبلى فيهما بلاءً حسنا، وبالغَ في الذَّبِّ عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- بحيثُ رمى بنفسِه دونَه حين غُشيَ عليه حتَّى اُرْتُثَّ (١)، فحُمِلَ وبه رَمقٌ إلَى المدينةِ، فماتَ بعدَ يومٍ وليلةٍ إلَّا أنَّه لم يأكل، ولم يشربْ، فأمرَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أنْ يُردَّ إلى أُحُدٍ، فدُفِنَ هناكَ في ثيابِه، ولم يُغسَّلْ ولم يُصلَّ عليه، وله أربعٌ وثلاثون.
وقيل: إنَّه بالمهملةِ أوَّله (٣)، وقيل: بإعجامِ ثالثته أيضا. قالَ ابنُ يونسَ (٤): وهو أصحُّ عندي، ابنُ زيدِ بنِ خُنافَةَ (٥)، أبو رَيحانة الأَزديُّ، حليفُ الأنصار، ويقال له: مولى رسول الله (٦) -صلى الله عليه وسلم-.
له صحبةٌ، وشهدَ فتحَ دمشقَ، وكانَ يُرابطُ بعسقلانَ، ويقال: إنَّه والدُ رَيحانةَ سُرِّيَّةِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وقيل: اسمُه عبدُ الله بنُ النَّضرِ، والأوَّلُ أصحُّ، وهو حليفُ حضرموت، وقالَ ابنُ عبدِ البر (٧): كانَ من بني قريظة. انتهى.
(١) اُرتُثَّ: حُمل من المعركة رثيثًا، أي: جريحا. " القاموس ": رثث. (٢) "السيرة النبوية " ١/ ٣٣٩، و ٢/ ٣٧٨، ٧٢٤. (٣) أي: سمعون. (٤) "تاريخ ابن يونس" ١/ ٢٣٩. (٥) في المخطوطة: حذافة، وهو خطأ. (٦) "الإصابة" ٢/ ١٥٦، و "تهذيب الكمال" ١٢/ ٥٦١. (٧) "الاستيعاب" ٢/ ٢٦٨.