ثمَّ جعلَ المسافرةَ أقصى سُؤْله، واختارَ المهاجرةَ إلى الله ورسولِه، فقدِمَ لجِوارِ المدينةِ، بأوقار (٢) من الحِشمة والسَّكينة، وملازمةِ العِبادةِ والدِّيَانة، والعِفَّةِ والصِّيانَة، واتِّباعِ السُّنَّةِ إلى الأمَدِ الأقصى، والاقتداءِ بها بحيثُ لم يتركْ في شريطتِه نقصا، لم يَشِنْ حُسنَ طريقتِه ارتباك، ولم يَعْنِهِ في موضعِ الجميلِ تَلَجْلُج والتِبَاك، فهو ما بينَ مُصَلٍّ وذاكر، وتالٍ وباك، مُلازمًا لآخرِ الصَّفِّ الأوَّلِ مُلتصقٌ بالشُّبَّاك، هذا مع النَّفسِ الزَّكيةِ النَّفيسة، والِهمَّةِ العَليَّةِ الرَّئِيسة، والأخلاقِ الرَّضِيةِ الأنيسة، ومعَ المُحاضرةِ الحُلوة، والمُداعبةِ في مسامرةِ الخَلوة، والنَّوادرِ المنزَّهةِ عن الغُلَواء في الغَلْوة (٣).