وقالَ فيه ابنُ فرحونٍ (١) ما مُلَخّصُه: إنَّه أقام بالمدينةِ مدّةً طويلة، ولسَكن الحُجرةَ التي هي مَسكنُ الأولياءِ والأَخْيارِ برباط دَكَّالة (٢)، وكانَ مِن كبارِ الأولياءِ المُتَحَلِّين بالعلمِ والعملِ والزهدِ، وذَكرَ أنه قرأَ عليه الفرائضَ والحساب، ثم انتَقَلَ إلى مكةَ، فأقامَ بها على عبادةٍ وكثرةِ طوافٍ، حتَّى إنَّه لا يَكادُ يوجد إلا فيه. يعني: الطواف.
وذُكر أنّه طاف يومًا ثمّ خَرَجَ من الطَّوافِ، ودَخَلَ دِهْليزَ الفقيهِ خَليلي -يعني المالكيَّ- عند بابِ إبراهيمَ، ثم دَعَا بفِراشٍ، واستقْبَلَ القبلةَ ثمَّ قَفَى، وذلك في رمضانَ سنةَ ثمان عشرةَ وسَبْعِ مئة، وصلَّى عليه القاضي نجمُ الدِّين (٣)، وكانت جنازتُه حافِلة جدًا لم يُرَ مثلُ ما اجتمعَ فيها، ورُؤي نَعْشُهُ وهو محمولٌ على رؤوسِ الأصابعِ، والكَفَنُ قد اسودَّ من كثرةِ لمسِ النَّاسِ له بأيديهم. ذكرَه الفاسيُّ (٤).