متاعُه، وسيفٌ معلَّق، فخرج عبدُ الله، فأنشأ الأعرابيُّ يقول (١):
أبا جعفرٍ مِنْ أهلِ بيتِ نُبَوَّةٍ … صلاتُهمُ للمسلمينَ طُهورُ
أبا جَعفرٍ ضَنَّ الأميرُ بمالِهِ … وأنتَ على ما في يديكَ أميرُ
أبا جعفرٍ يا ابنَ الشَّهيدِ الذي له … جناحانِ في أعلى الجِنَانِ يَطيرُ
أبا جَعفرٍ ما مِثلَكَ اليومَ أرتجي … فلا تتركَنِّي بالفَلاةِ أدورُ
فقال: يا أعرابيُّ، سار الثَّقَلُ (٢) فعليكَ بالرَّاحلةِ بما عليها، وإياكَ أنْ تُخدعَ عن السَّيفِ فأنا أخذتُه بألفِ دينارٍ، وحديثُه في الستة، وذُكِرَ في "التهذيب"(٣)، وأوَّلِ "الإصابة"(٤).
ماتَ بالمدينةِ سنةَ ثمانين، وقيل: أربعٍ، أو خمسٍ بعدَها، وقيل: سنةَ تسعين، وهو ابنُ ثمانين، أو تسعين، وصلَّى عليه أبانُ بنُ عثمان والي المدينةِ، بل حضرَ غسلَه وكفنَه، وحملَه معَ النَّاسِ بينَ العمودين، ولم يفارقْه حتَّى وُضعَ بالبقيعِ ودموعُه تسيلُ على خدِّه، ويقولُ: كنتَ واللهِ خيرًا لا شرَّ فيك، وكنتَ واللهِ شريفاً واصلاً (٥) وبَرَّاً، وازدحموا على حملِ سريرِه.