وكانَ ظهيرُ الدِّينِ قد أسَّسَ القواعدَ وأحكمَ المباني، فكانَ ذلكَ نَصِيرًا للنَّصرِ فيما يُعانِي، كانَ في وِلايتِهِ سعيدًا، وجدَ الأمورَ مُمَهَّدَة فزَادَهَا تمهِيدًا.
كانَ يسدّد الأمرَ المعضلَ تَسدِيدًا، ولا يعالِجُ فيهِ وَعدًا ولا وَعِيدًا، ولا يمازِحُ بطشا ولا تسديدًا، ولا يحاججُ إلَّا بِلطفٍ، لا يخلِطُ به ضَربًا ولا تهديدًا. وهوَ مَع ذلك مُوَقَّرٌ مُهابٌ، معظَّمُ الجانِبِ مَحْمِيُّ الجَنابِ، لا يرجِع عن رأيِهِ بكلامِ الأصحابِ، يستعملُ جُهدَه في إتمامِ ما يقومُ فيه، ولا يكتَرِثُ بمخالفِهِ ومُنافِيهِ، ويكمِلُ صاحبهُ حقَّ الصُّحبةِ ويُوفيهِ.
كانَ آيةً في حفظ آيةِ المنصِبِ وسَورتهِ، غايةً في كمالِ معناهُ وحسنِ صورتهِ، وبهيِّ شَورتِهِ (١).
آخَى الشَّيخَ جمالَ الدِّينِ المطريَّ، وكان لا يخرجُ عن رأيِهِ ومشورَتِهِ، بل يعَامِل جميعَ شُيوخِ العلمِ مُعاملتهُ، ويُنزِلهم في ذلك المعنَى منزلتَهُ، لكن كانَ لهُ بهِ مزيةُ خصوصٍ، وطيرانٌ في هواءِ هواهُ إلى محلٍّ جَناحُ الغيرِ دونهُ مقصوصٌ.