وُلدَ في سحرِ ليلةِ الاثنين حادي عشرَ رمضانَ سنةَ خمسٍ وسبعين وسبعِ مئةٍ بالمدينةِ النَّبويّةِ، وأمُّه قنديلُ الحبشيةُ فتاةُ أبيه، ونشأَ بها في كنفِ أبيه، وهو حينئذٍ قاضيها، وسمعَ بها الحديثَ -فيما أظنُّ- مِن أمِّ الحسنِ ابنةِ أحمدَ بنِ قاسمٍ الحَرازيِّ، ثمَّ انتقلَ معه إلى مكَّةَ لما وَليَ قضاءَها، وسمعَ "البخاري" على ابن صِدِّيقٍ، وأجازَ له في سنةِ ستٍّ وسبعين مِن دمشقَ ابنُ أُميلةَ، والصَّلاحُ ابنُ أبي عمرَ، والبدرُ ابنُ الهَبَلِ، وغيرُهم.
وحفظَ "التنبيه"، وأكثر "الحاوي"، وكانَ يُذاكرُ به، وتفقَّهَ مدَّةً طويلةً بالجمالِ ابنِ ظهيرةَ، وقليلا بالأبناسيِّ، قرأ عليه في سنةِ إحدى وثمانِ مئةٍ في "الحاوي"، وأجازه بالإفتاءِ والتَّدريسِ، ونابَ عن والدِه في الخطابة، والقضاءِ، والتَّدريسِ بدرسِ بشير (٢)، ثمَّ انتقلَ بها مع باقي وظائفِ أبيه بعدَه، إلى أنْ صُرفَ
(١) "درر العقود الفريدة" ٣/ ٤٤٨، و"إنباء الغمر" ٧/ ٢٨٨، و"الضوء اللامع" ٧/ ٤٤. (٢) بشيرُ بنُ حامدٍ الهاشميُّ، التبريزيُّ، الشافعيُّ، شيخ الحرم المكيِّ، كان له درس مقرر، عليه أوقاف. توفي سنة ٦٤٦ هـ، واستمر الدرس بعده. "العقد الثمين" ٣/ ٣٧١.