وقد صحبتهُ مِن سنةِ بضعٍ وسِتِّين، ثُمَّ كثرتْ خُلطَتِي بهِ في سنةِ إِحدَى وسَبعين بمَكَّةَ، وكتَبَ بخطِّهِ مصنَّفِي "الابتهاج"، وسمِعَهُ مِنِّي، وكذَا سَمِعَ مِنِّي غيرَهُ مِن تصانِيفِي. وكانَ على خيرٍ وعبادةٍ، وسكونٍ وفتوَّةٍ (١)، وفارقتُهُ بِمَكَّةَ بعدَ أن حجَجْنَا، ثُمَّ توجَّهَ مِنها إلى طَيبةَ كما تقدَّم فقطَنها، ولازَمَ وهو فيهَا الشِّهابَ الإِبْشِيطيَّ، وحضرَ درُوسَهُ في "المنهاج" وغيرِه.
وسمِعَ عليهِ جَانبًا من "تفسير البيضاوي"، ومن "شرح البهجة" للوليِّ، وبحثَ عليهِ "توضيح ابن هشام". بل قرأ عليه من تصانيفِهِ:"شرحه لخطبة المنهاج"، و"حاشيتَه على الخزرجية"، وأذِنَ له في التَّدرِيسِ، وأكثرَ مِن السَّماعِ هناكَ على أبِي الفرجِ المراغيِّ، بل قرأَ بعدَ الثَّمانِينَ على العفيفِ عبدِ الله ابنِ القاضِي ناصرِ الدّينِ ابنِ صالحٍ أشياءَ بالأجايز، وألبسهُ خِرقةَ التَّصوُّفِ، بلباسهِ لها مِن عمرَ الأعرابيِّ (٢).