وقد حَدَّثَ ودَرَّسَ وأفتى، ومِمَّنْ أكثَرَ مِنَ الأخذِ عنه سَماعًا وقِرَاءَةً، وتَفَقَّهَ عليه ولدُه المُحِبُّ محمَّدٌ، وكذا قَرَأَ عليهِ التَّقِيُّ ابنُ فَهدٍ، وَوَلِيَ رِئاسَةَ المؤذِّنِينَ بالحرمِ النَّبويِّ كأبيهِ وجَدِّهِ، وقضاءَ المدينةِ وخطابتَها وإمامتَها على عادة مَن سَلَفَ من قضاتِها بعد أشهرٍ خَلَتْ مِن سنةِ إحدى عشرة وثمان مئة، وَصَلَتْ إليه الولايةُ وهو بالطَّائفِ مِن أعمالِ مَكَّةَ في النِّصْفِ الأخير من شهرِ ربيعٍ الآخرِ منها، فتوجَّهَ إلى المدينةِ في أوائلِ جُمادى الأولى، فباشَرَها قَليلًا وحُمدَتْ مُبَاشَرَتُهُ، ولم يَلْبَثْ أن ماتَ عن ثلاثٍ وستينَ في ليلةِ الخميسِ سادسَ عشر ذي الحِجَّةِ منها بمكةَ، وكانَ قَدِمَها حَاجًّا وهو عليلٌ، ودُفِنَ بالمَعْلاةِ رحمه الله.
(١) محيي الدِّين، فقيهٌ حنفيٌّ، تولى التدريس بالمدرسة المستنصرية ببغداد، توفي سنة ٧٥٩ هـ. "الدرر الكامنة" ٢/ ٨١، و"الطبقات السنية" ٣/ ١٩٤. (٢) فقيهٌ مالكيٌّ، جامع بين المعقول والمنقول، له: "شرح الإرشاد"، و"شرح مختصر ابن الحاجب" في الفقه، وفاته سنة ٧٧٦ هـ. "الديباج المذهب"، ص: ٣٣٣، و"درة الحِجال" ١/ ٢٧٠، و"شجرة النور الزكية"، ص: ٢٢٢.