وكانَ أبيضَ جميلًا، نحيفَ الجسمِ، حَسَنَ اللحية. قد وَخَطَهُ الشَّيْبُ بجبهتِه إثرَ حافرِ فرسٍ شجَّهُ وهو صغيرٌ، بحيث يقالَ له: أشجُّ بني أميةَ.
قالَ أبو عليٍّ ثروانُ مولاهُ: إنَّه دخلَ إسطبلَ أبيهِ وهو غلامٌ فضربَه فرسٌ، فشجَّهُ؛ فجعلَ أبوه يمسحُ عنه الدَّمَ، ويقولُ: إنْ كنتَ أشجَّ بني أميةَ، إنَّكَ لسعيدٌ.
وعن الضَّحَّاكِ بنِ عثمانَ: أنَّ أباه ضمَّه إلى صالحِ بنِ كيسانَ، فلمَّا حَجَّ أتاه (١) فسأله عنه؟ فقال: ما خبرْتُ أحدًا اللهُ أعظمُ في صدرِه مِن هذا الغلامِ.
وعن داودَ بنِ أبي هندٍ قالَ: دخلَ علينا عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ مِن هذا الباب، فقالَ رجلٌ مِن القومِ: بَعَثَ إلينا الفاسقُ بابنِهِ هذا يتعلَّمُ الفرائضَ والسُّننَ، ويزعمُ أنَّه لن يموتَ حتَّى يكونَ خليفةً، ويسيرَ بسيرةِ عمرَ بنِ الخطابِ، قالَ داودُ: فواللهِ، ما ماتَ حتَّى رأينا ذلكَ فيه.
وخرجَ إلى الصَّلاةِ يتوكَّأُ على يده شيخٌ، فسُئِلَ عنه، فقالَ: إنَّهُ الخَضِرُ (٢)، وقد أعلمَني أنِّي سأَلِي أمرَ هذه الأمَّةِ، وأني سأعدِلُ فيها.
قالَ مالكٌ: لم يكنْ سعيدُ بنُ المسيِّبِ يأتي أحدًا مِن الأمراءِ غيرَه. وعن ميمونِ بنِ مِهرانَ: ما كانتِ العلماءُ عندَهُ إلا تلامذةً. وعن أيوبَ السَّختِيانيِّ: لا نعلمُ أحدًا ممَّن أدركنا كانَ آخذَ عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- منه (٣). وقالَ أنسٌ: ما رأيتُ أحدًا أشبهَ صلاةً
(١) تحرَّفت في الأصل إلى: أباه. (٢) راجع: "الإصابة" ١/ ٤٢٩، فله فيه ترجمة كبيرة جدًا، حيث ذكر الخلاف في حياة الخضر ووفاته، والراجح وفاته. (٣) في الأصل: أخذ عن النبي أعلم منه وهي غير مستقيمة، والتصويب من "التاريخ الكبير" ٦/ ١٧٥، و =