خرجت أَشْتَدُّ حتَّى مَلأتُ فرُّوجِي (١) عَدْوًا، فدخلتُ المسجدَ، فإذَا رجلٌ جالسٌ في نحوِ عشرةٍ عليهِ عمامةٌ سوداءُ، فقالَ: وَيحكَ ما ورَاءَكَ؟ قلتُ: قد واللهِ فُرِغَ من الرَّجلِ، فقالَ: تبًّا لكم سائرَ الدَّهرِ، فنظرتُ فإذا هو عليٌّ -رضي الله عنه-.
ولما قِيلَ لأنسٍ: إنَّ حُبَّ عليٍّ وعثمانَ لا يجتمعانِ في قلبٍ واحدٍ، قال: كَذَبُوا، لقدْ اجتمَعَ حُبُّهما في قُلوبِنا.
وعَن كِنانةَ مولَى صفِيَّةَ قال: شهدتُ مقتلَ عُثمانَ، فأُخرِجَ مِنَ الدَّارِ أمامِي أربعةٌ مِن شبابِ قريشٍ مُضرَّجينَ بالدَّمِ محمولينَ، كانُوا يدرؤُونَ عنهُ، وهم: الحسنُ بنُ عليٍّ، وابنُ الزُّبيرِ، ومحمَّدُ بنُ حاطبٍ، ومروانُ.
قال الرَّاوِي عنهُ محمَّدُ بنُ طَلحةَ بنِ مصرِّفٍ: فقلتُ له: هل بِيدِ محمَّد بنِ أبِي بكرٍ شيءٌ مِن دَمِهِ؟ قالَ: معاذَ اللهِ، دَخلَ عليهِ [فقال له] عثمانُ: يا ابنَ أخِيَ لستَ بِصاحبِي، وكلَّمَهُ بِكلامٍ، فخرَجَ.
وقالَ أبو هريرةَ: كنتُ مَحصُورًا مع عثمانَ في الدَّارِ، فَرُمِيَ رجلٌ مِنَّا، فقلتُ: يا أميرَ المؤمنينَ الآن (٢) طابَ الضِّرابُ، قَتلُوا رجلًا مِنَّا، فقالَ: عزمتُ عليكَ يا أبا هُريرةَ إلَّا رميتَ بسيفِكَ، فإنَّمَا تُرادُ نفسِي، وسَأَقِي المؤمنينَ بِنَفسِي اليومَ. قالَ أبو هريرةَ: فرميتُ بِسيفِي، فلا أدرِي أينَ هوَ حتَّى السَّاعةِ.
أمُّه: أروَى ابنةُ كُريزِ بنِ ربيعةَ بنِ حَبِيبِ بنِ عبدِ شمسٍ، وأمُّهَا البيضاءُ أمُّ
(١) الفرُّوجُ: قَباءٌ شُقَّ من خلفه. "القاموس": فرج.(٢) تحرَّفت في الأصل إلى: إلا أن.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute