وكانَ مِن العلماءِ العاملينَ، مُتعبِّدًا، قانتًا للّه، حنيفًا، زاهدًا، منعزلًا عن النَّاسِ إلَّا مِن خيرٍ، قوَّالًا بالحقِّ، مُتألهِّاً يُنكر على مالَكٍ اجتماعَه بالدَّولةِ، بلْ لمَّا كتبَ إليه مالكٌ: إنَّكَ بدوتَ، فلو كنتَ عندَ مسجدِ الرَّسولِ - صلى الله عليه وسلم -، كتبَ إليه: إنِّي أكرهُ مجاورةَ مثلِكَ، إنَّ اللهَ لم يرَكَ مُتغيِّرَ الوجهِ فيه ساعةً.
ووعَظَ الرَّشيدَ؛ فبكى، وحُملَ مغشيَّاً عليه، وبَعثَ إليه بابنيه الأمينِ والمأمونِ بألفي دينار، فأباهما، فقيلَ له: ففرِّقهما، فقال: هوَ أعلمُ [بمَنْ يُفرِّقُها عليه](٤)، ثمَّ أخذَ منهما دينارًا؛ وقالَ: كرهتُ أنْ أجمعَ عليه سوءَ القولِ، وسوءَ الفعلِ.
ولم يكنْ يقبلُ مِن السُّلطانِ، ولا مِن غيرِه. نَعمْ، كانَ يقبلُ صلةَ ابنِ المباركِ،
(١) جاء هنا في المخطوطة: عبد الرحمن العدوي العمري، المدني، أحد الأعلام، وأخو عمر الماضي، ويعرف بالعمري وهو تكرار من الناسخ كما هو واضح. (٢) ما بين المعكوفتين: من "الطبقات الكبرى" لابن سعد ٥/ ٤٣٥. (٣) "الثقات" ٧/ ١٩. (٤) المصدر نفسه.