وَشَهِدَ أُحُدًا وَالمَشاهِدَ، وكان سَيِّدًا جَوَادًا، كان يُنادي على أُطُمِه (١): مَنْ أَحَبَّ شَحْمًا ولحمًا فَلْيَأْتِهِ، بَلْ كان يَبْعَثُ كُلَّ يَوْمٍ إلى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- لما قَدِمَ المَدِينَةَ بَجَفْنَة، وله ذِكْرٌ في حَديثِ الإفْكِ (٢)، وأُمُّهُ عَمْرَةُ ابنةُ مَسْعودِ بنِ قَيْسِ بنِ [عَمْروِ](٣) بنِ [زَيْدِ مَناة](٤) بنِ عَدِيِّ بنِ عَمْروِ بنِ مالكِ بنِ النَّجَّارِ.
وَذَكرَهُ مُسْلِمٌ (٥) في المَدَنِيينَ، حَدَّثَ عنه: بَنُوهُ قَيْسٌ وسَعيدٌ وإسحاقُ، وكذا ابنُ عبّاسٍ، وأبو أُمَامةَ ابنُ سَهْلٍ، وآخرون. وَيُرْوى أنَّ أبا بكرٍ بَعَثَ إليه لِيُبَايعَ، فقال: لا والله حتى أُراميكم بما في كِنَانَتي، وأُقاتِلَكم بِمَنْ مَعِي، فَتَرَكَه لاستِقامةِ الأمرِ بِدونه، فلما وَلِيَ عُمَرُ لَقِيَهُ ذاتَ يَوْمٍ فقال: إيه يا سَعْد. فقال: إيه يا عُمَر، فقال عُمَرُ: أَنْتَ صاحبُ ما أنت صاحبه؟ قال: نَعَم، وقد أَفضى إليكَ الأمرُ، وكان صاحبُك والله أحبَّ إلينا مِنْك، وقدْ أصبحتُ واللهِ كارهًا لجِوارِك، فقال عُمَرُ: إنَّه مَنْ كَرِهَ جِوارَ جارِهِ تحَوَّلَ عنه، فقال سَعْدٌ: أما إنّي غَيْرُ مُسْتَسِرٍّ بذلك، وأنا مُتحَوِّلٌ إلى جِوارِ مَنْ هو خَيْرٌ مِنك، فلم يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ مُهاجرًا إلى الشام، فمات بِحَوْرَانَ (٦).
(١) الأُطُم: كلُّ حصنٍ مبني بحجارة. "القاموس": أطم. (٢) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب: حديث الإفك (٤١٤١)، ومسلم في كتاب التوبة، باب: في حديث الإفك ٤/ ٢١٢٩ (٢٧٧٠). (٣) في الأصل: عمر، والمثبت من "الثقات" ٣/ ١٤٩، و"الإصابة". (٤) في الأصل: عبد مناة، والمثبت من "الثقات" ٣/ ١٤٩، و"الإصابة". (٥) "الطبقات" ١/ ١٤٧ (٢٦). (٦) حوران: منطقة واسعة من أعمال دمشق. "معجم البلدان" ٢/ ٣١٧. قلتُ: هي جنوب دمشق، تبعد عنها حوالي ٩٠ كلم.