وحلقَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- رأسَه في حجَّةِ الوداعِ، وأعطى شعرَ رأسِه أبا طلحةَ، وقرأ (١): {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} فقال: ما أسمعُ اللهَ عذرَ أحدًا، فخرجَ إلى الغزوِ وهو شيخٌ كبيرٌ، وكانَ آدمَ مربوعًا، لا يُغيِّر شَيبَه، ويأكلَ البَرَدَ وهو صائمٌ، ويقولُ: ليس بطعامٍ ولا شرابٍ (٢)، وسندُه صحيحٌ.
وكانَ أكثرَ الأنصارِ مالًا. روى عنه: ابنُه عبدُ الله، وربيبُه أنس بنُ مالكٍ، وزيدُ بنُ خالدٍ الجُهَنُّي، وابنُ عبَّاسٍ، وغيرُهم.
وسردَ الصَّومَ بعدَ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وغزا بحرَ الشَّامِ، فماتَ فيه في السِّفينةِ، فلم يجدوا جزيرةَ إلا بعدَ سبعةِ أيامٍ، فدفنوه، ولم يتغيَّرْ، وقيلَ: بل بالمدينةِ، ماتَ سنةَ أربعٍ وثلاثين، وقيل: سنةَ اثنتين، عن سبعين سنةَ، وصلَّى عليه عثمانُ، ويقال: إنَّه عاشَ بعدَ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أربعين سنةً، وحينئذٍ تكونُ وفاتُه سنةَ إحدى وخمسين، واستَشهدَ شيخُنا ابنُ حجرٍ لكونِه الصَّوابَ: بما ساقَه في "مختصره للتهذيب"(٣)، وهو في أوَّلِ "الإصابة"(٤)، و" التهذيب"(٥).
(١) سورة التوبة، آية: ٤١. (٢) أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ٥/ ١١٦. (٣) "تهذيب التهذيب" ٣/ ٢٢٩. (٤) " الإصابة " ١/ ٥٦٦. (٥) "تهذيب الكمال" ١٠/ ٧٥.