قالَ الخطيبُ (١): كانَ حافظًا للفقهِ والحديثِ، أقدَمَه السَّفَّاحُ الأنبارَ ليوليَه القضاءَ، فماتَ في مدينةَ السفَّاحِ، وذلكَ سنةَ ستٍّ وثلاثين ومئةٍ، وفي "المجالسة" للدِّينَوَري (٢): أنَّ فرُّوخًا والدَه خرجَ في البعوثِ إلى خراسانَ أيَّامَ بني أميَّةَ غازيًا، وابنُه حملٌ، وتركَ عندَ الزَّوجةِ ثلاثين ألف دينارٍ، ثمَّ قدمَ المدينةَ بعدَ سبعٍ وعشرين سنةً، فنزلَ عن فرسه، ثمَّ دفعَ البابَ برمحه، فخرجَ ابنُه، فقال: يا عدوَّ اللهِ، أتهجمُ على منزلي؟ وقال هوَ له: يا عدوَّ الله، أنتَ رجل دخلتَ على حُرمتي، فتواثبا واجتمعَ الجيرانُ، وجعلَ ربيعةُ يقول: والله لا فارقتُك إلى السُّلطانِ، وجعلَ فرُّوخُ يقول كذلك، وكثُرَ الضَّجيجُ، فلمَّا بصروا بَمالكٍ، سكتَ النَّاسُ كلُّهم، فقال مالكٌ: أيُّها الشَّيخُ، لك سعة في غيرِ هذه الدَّار، فقالَ: إنَّها داري، وأنا فرُّوخ مولى بني فلان، فسمعتِ امرأتُه كلامَه، فخرجت، وقالتْ: هذا زوجي، وقالتْ له: هذا ابنُك الذي خلَّفْتَني حاملًا به، فاعتنقا جميعًا وبكيا، ودخلَ فرُّوخُ المنزل، وقال: هذا ابني؟