ومفعوله (١) الأوَّل: ضمير المخاطبين، والثَّاني:«به»، والثَّالث محذوفٌ، وفيه: أنَّه كان يجب عليه تبليغ الأحكام إلى الأمَّة (وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) أي: بالنِّسبة إلى الاطِّلاع على بواطن (٢) المخاطبين، لا بالنِّسبة إلى كلِّ شيءٍ (أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ) بهمزةٍ مفتوحةٍ وسينٍ مُهْمَلَةٍ مُخفَّفةٍ، قال الزَّركشيُّ: ومن قيَّده بضمِّ أوَّله وتشديد ثالثه لم يناسب التَّشبيه (فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي) في الصَّلاة بالتَّسبيح ونحوه (وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ) بأن استوى عنده طرفا العلم والجهل (فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ) أي: فلْيجتهد، وعن الشَّافعيِّ:«فليقصد الصَّواب» أي: فليأخذ باليقين وهو البناء على الأقلِّ (٣)، وقال أبو حنيفة: معناه البناء على غالب الظَّنِّ، ولا يلزم بالاقتصار على الأقلِّ، ولـ «مسلمٍ»: «فلينظر أقرب ذلك إلى الصَّواب»(فَلْيُتِمَّ) بناءً (عَلَيْهِ، ثُمَّ يُسَلِّمْ) أي (٤): وجوبًا (ثُمَّ يَسْجُدْ) للسَّهو، أي: ندبًا (سَجْدَتَيْنِ) لا واحدةً كالتِّلاوة، وعبَّر بلفظ الخبر في هذين الفعلين، وبلفظ الأمر في السَّابقين وهما «فليتحرَّ» و «ليتمَّ» لأنَّهما كانا ثابتين يومئذٍ، بخلاف التَّحرِّي والإتمام فإنَّهما (٥) ثبتا بهذا الأمر، ولأبي ذَرٍّ:«يسلِّم» بغير لام الأمر، وللأَصيليِّ:«وليسجد» بلام الأمر، وهو محمولٌ على النَّدب، وعليه الإجماع في المسألتين، ودلالة الحديث على التَّرجمة من قوله:«فثنى رجليه واستقبل القبلة». واستُنبِط منه (٦): جواز النَّسخ عند الصَّحابة، وأنَّهم كانوا يتوقَّعونه، وعلى جواز وقوع السَّهو من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في
(١) في (م): «مفعولها». (٢) في (م): «مواطين»، وهو تحريفٌ. (٣) في غير (ب) و (س): «اليقين». (٤) «أي»: ليس في (ب) و (س). (٥) في (م): «فإنَّما». (٦) «منه»: ليس في (د).