أي: بذاتك (فَقَالَ: ﴿أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ، قَالَ) ولأبي ذرٍّ: «فقال»: (﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً﴾ [الأنعام: ٦٥]) أو يخلطكم فِرَقًا مختلفين على أهواءٍ شتّى (فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: هَذَا أَيْسَرُ) لأنَّ الفتن بين المخلوقين أهون من عذاب الله، وفي رواية ابن السَّكن ممَّا ذكره في «فتح الباري»: «هذه أيسر» قال: وسقط لفظ الإشارة من رواية الأَصيليِّ، قال الزَّركشيُّ: ورواية غيره هي الصَّحيحة، وبها يستقلُّ الكلام، قال (١) في «المصابيح»: وروايته (٢) أيضًا صحيحةٌ، وقُصَارى ما فيها حذف المبتدأ الذي ثبت في الرِّوايتين، وذلك جائزٌ، فكيف يحكم بعدم صحَّتها ولا شاهدَ يستند إليه هذا الحكم (٣)؟ انتهى. والمراد منه قوله:«أعوذ بوجهك» قال البيهقيُّ: تكرَّر ذكر الوجه (٤) في الكتاب والسُّنَّة الصَّحيحة، وهو في بعضها صفة ذاتٍ، كقوله:«إلَّا برداء الكبرياء على وجهه» وفي بعضها من أجل، كقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ﴾ [الإنسان: ٩] وفي بعضها بمعنى الرِّضا، كقوله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ﴾ (٥)[الروم: ٣٨] ﴿إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ﴾ [الليل: ٢٠] وليس المراد الجارحة جزمًا.
والحديث سبق في تفسير سورة الأنعام [خ¦٤٦٢٨] وفي «كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة» في قوله: «بابِ قولِ الله تعالى: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً﴾»[خ¦٧٣١٣].
(١٧)(بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ [طه: ٣٩] تُغَذَّى) بضمِّ الفوقيَّة وفتح الغين والذَّال المشدَّدة (٦) المعجمتين، من التَّغذية، قاله قتادة، وفي نسخة الصَّغانيِّ: بالدَّال المهملة ولا يُفتَح أوَّله على حذف إحدى التَّاءين، فإنَّه تفسير «تُصْنَع» وقال عبد الرَّحمن بن زيد بن أسلم، يعني: أجعله في بيت المَلِك، يَنْعَم ويترف غذاؤه عندهم، وقال أبو عمران الجونيُّ: قال: تُربَّى بعين الله، وقال معمر بن المثنَّى: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾: بحيث أرى، وقيل: لتُربَّى بمرأًى
(١) في (ع): «قاله»، وكلاهما صحيحٌ. (٢) في (ع): «ورواية غيره». (٣) في (د): «الحاكم». (٤) في (ج) و (ل): «القرآن»، وبهامشهما: كذا بخطِّه، ولعلَّه: «الوجَهُ». (٥) في (د): ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾. (٦) «المشدَّدة»: ليس في (د).