بنفسه من شدّة الحرِّ (كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ)﵊(وَهْوَ كَذَلِكَ) أي: في حالة (١) الطَّرح والكشف: (لَعْنَةُ اللهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى) وكأنَّه ﷺ سُئِل ما سبب لعنهم؟ فقال:(اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ) وكأنَّه قِيلَ للرَّاوي: ما حكمة ذكر ذلك في ذلك الوقت؟ فقال:(يُحَذِّرُ)ﷺ أمَّته أن يصنعوا بقبره مثل (مَا صَنَعُوا) أي: اليهود والنَّصارى بقبور أنبيائهم، والحكمة فيه: أنَّه ربَّما يصير بالتَّدريج شبيهًا بعبادة الأوثان، فإن قلت: إنَّ النَّصارى ليس لهم إِلَّا نبيٌّ واحدٌ، وليس له قبرٌ، أُجيب بأنَّ الجمع بإزاء المجموع من اليهود والنَّصارى، فإنَّ اليهود لهم أنبياء، أو المراد: الأنبياء وكبار أتباعهم، فاكتفى بذكر الأنبياء، وفي «مسلم» ما يؤيِّد ذلك حيث قال في طريق جندب: «كانوا يتَّخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد (٢)» أو أنَّه كان فيهم أنبياء أيضًا لكنَّهم غير مُرسَلين كالحواريِّين ومريم في قولٍ، أو الضَّمير راجعٌ إلى اليهود فقط، أو المراد: من أُمِروا بالإيمان بهم كنوحٍ وإبراهيم وغيرهما (٣).
ورواة هذا الحديث ما بين حمصيٍّ ومدنيٍّ، وفيه رواية: صحابيٍّ وصحابيَّةٍ (٤)، والتَّحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلِّف في «اللِّباس»[خ¦٥٨١٥] و «المغازي»[خ¦٤٤٤٣] و «ذكر بني إسرائيل»[خ¦٣٤٥٣]، ومسلمٌ والنَّسائيُّ في «الصَّلاة».
(١) في (د): «حال». (٢) «مساجد»: ليس في (ص). (٣) قوله: «أو الضَّمير راجعٌ إلى اليهود … وإبراهيم وغيرهما» جاء في (م) عقب الحديث الآتي، وهو خطأٌ. (٤) في (د): «صحابيٍّ عن صحابيٍّ»، وليس بصحيحٍ.