(٢٠)(باب قوله)﷿(١): (﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ﴾) يعني: محمَّدًا (﴿مِّنْ أَنفُسِكُمْ﴾) من جنسكم، صفةٌ لـ «رسولٌ» أي: من صميم العرب، وقرأ ابن عبَّاسٍ وأبو العالية وابن محيصن ومحبوبٌ عن أبي عمرٍو ويعقوب من بعض طرقه، وهي قراءته ﷺ(٢) وفاطمة وعائشة: بفتح الفاء، أي: من أشرفكم، وقال الزَّجَّاج: هي مخاطبةٌ (٣) لجميع العالم، والمعنى: لقد جاءكم رسولٌ من البشر، وإنَّما كان من الجنس؛ لأنَّ الجنس إلى الجنس أميل، ثمَّ رتَّب عليه صفاتٍ أخرى لتعداد المنن على المرسل إليهم فقال:(﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ﴾) أي: شديد شاقٌّ (﴿مَا عَنِتُّمْ﴾) أي: عَنَتُكم، أي: إثمكم وعصيانكم، فـ ﴿مَا﴾: مصدريَّةٌ، وهي مبتدأٌ (٤)، و «عزيزٌ»: خبرٌ مقدَّمٌ، ويجوز أن يكون ﴿مَا عَنِتُّمْ﴾ فاعلًا بـ ﴿عَزِيزٌ﴾ و ﴿عَزِيزٌ﴾: صفةٌ لـ ﴿رَسُولٌ﴾ ويجوز أن تكون ﴿مَا﴾ موصولةً، أي: يعزُّ عليه الَّذي عنتُّموه، أي: عنتُّم بسببه، فحُذِفَ العائد على التَّدريج، كقوله:
يَسرُّ المرءَ ما ذهبَ اللَّيالي … وكانَ ذهابُهنَّ له ذَهابا
أي: يسرُّه ذهابُ اللَّيالي (﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُم﴾) أن تدخلوا الجنَّة (﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨] مِنَ الرَّأْفَةِ) وهي أشدُّ الرَّحمة، ولم يجمع الله اسمين من أسمائه لأحدٍ غير نبيِّنا ﷺ، قاله الحسين بن الفضل، وسقط لأبي ذَرٍّ قوله:«﴿حَرِيصٌ﴾ … » إلى آخره، وقال بعد قوله: ﴿عَنِتُّمْ﴾: «الآيةَ».
(١) في (د): «جلَّ وعلا». (٢) مراده أنها رويت بالسند إليه ﵊. (٣) في (م): «مخاطبته». (٤) في (ج) و (ص): «ابتداء».