لقعر البحر (١)، فهما بالنِّسبة إلى القرب والبعد من الله على حدٍّ واحدٍ. انتهى.
(٣٦) هذا (بابٌ) بالتَّنوين في قوله تعالى: (﴿واَسْأَلْهُمْ﴾) بهمزة وصلٍ وسكون السِّين، أي: واسأل -يا محمَّد- اليهود، ولأبي ذرٍّ:«﴿واَسْأَلْهُمْ﴾» بإسقاط الألف وفتح السِّين (٢)(﴿عَنِ الْقَرْيَةِ﴾) عن خبر أهلها (﴿الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ﴾) أي: قريبةً منه، وهي أيلة، قريةٌ (٣) بين مدين والطُّور على شاطئ البحر، وقيل: مدين، وقيل: طبريَّة (﴿إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ﴾) أي: (يَتَعَدَّوْنَ) أي: (يَتَجَاوَزُونَ) وفي «اليونينيَّة» وفرعها: «يُجاوِزون» بضمِّ التَّحتيَّة وسقوط الفوقيَّة وكسر الواو (فِي السَّبْتِ) حدود الله بالصَّيد فيه (﴿إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ﴾ [الأعراف: ١٦٣]) ظرفٌ لـ ﴿يَعْدُونَ﴾ (﴿يَوْمَ سَبْتِهِمْ﴾) يوم تعظيمهم أمر السَّبت، مصدر «سبتت اليهود» إذا عظَّمت سبتها بالتَّجرُّد للعبادة (﴿شُرَّعاً﴾) أي: (شَوَارِعَ) قاله أبو عبيدة (إِلَى قَوْلِهِ: ﴿كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ [البقرة: ٦٥]) ولأبي ذرٍّ: «﴿وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ﴾ إلى قوله: ﴿خَاسِئِينَ﴾» رُوِي: أنَّ النَّاهين لمَّا أيسوا عن اتِّعاظ (٤) المعتدين كرهوا مساكنتهم، فقسموا القرية بجدارٍ وفيه بابٌ مطروقٌ، فأصبحوا يومًا ولم يخرج إليهم أحدٌ من المعتدين، فقالوا: إنَّ لهم لشأنًا، فدخلوا عليهم فإذا هم قردةٌ، فلم يعرفوا أنسابهم، ولكنَّ القردة تعرفهم، فكان القرد يأتي إلى نسيبه فيحتكُّ به فيقول الإنسان: أنت فلانٌ؟ فيشير برأسه، أي: نعم، فيقول له (٥): أما حذَّرتك عقوبة الله أن تصيبك، ثمَّ ماتوا بعد ثلاثٍ (٦). قال ابن عبَّاسٍ: ما طَعِمَ مَسْخٌ قطُّ ولا عاش فوق
(١) في (د): «البحار». (٢) وهي قراءة ابن كثير والكسائي وخلف في اختياره. (٣) «قريةٌ»: ليس في (د). (٤) في (د) و (م): «ايقاظ». (٥) «له»: ليس في (د). (٦) في غير (ب) و (د) و (س): «ثلاثة أيَّامٍ».