ووضعَ السِّكِّين على قفاه فانقلب (١) السِّكِّين ولم تعملْ شيئًا بمانعٍ من القدرة الإلهيَّة (﴿وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾) أي: حقَّقت ما أمرناكَ به في المنامِ من تسليمِ الولدِ للذَّبح، وجوابِ «لمَّا» محذوفٌ تقديره: كان ما كان ممَّا ينطق به الحالُ، ولا يحيطُ به الوصفُ (٢) من استبشارهمَا وحمدهمَا لله وشُكرهما على ما أنعمَ به عليهمَا من دفعِ البلاءِ العظيمِ بعد حلولهِ (﴿إِنَّا كَذَلِكَ﴾) أي (٣): كما جزيناك (﴿نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [الصافات: ١٠٢ - ١٠٥]) لأنفسهم بامتثالِ الأمر بإفراجِ الشِّدَّة عنهم.
(قَالَ مُجَاهِدٌ) فيما وصله الفِريابيُّ في «تفسيره» في قولهِ تعالى: (﴿أَسْلَمَا﴾) أي: (سَلَّمَا مَا أُمِرَا بِهِ) سلَّم الابنُ نفسَه للذَّبحِ والأبُ ابنه (﴿وَتَلَّهُ﴾) أي: (وَضَعَ وَجْهَهُ بِالأَرْضِ) لأنَّه قال له: يا أبتِ لا تَذبحني وأنت تنظرُ في وجهِي؛ لئلَّا ترحمني.
ولم يذكر البخاريُّ ﵀ هنا حديثًا كالتَّرجمة الَّتي قبلُ، بل اكتفى فيهمَا بما أوردهُ من الآيات القرآنيَّة، ولعلَّه لم يتَّفق له حديثٌ فيهما (٤) على شرطهِ.