وهذا الحديث قد سبق في آخر (١)«كتاب الإيمان»[خ¦٥٧] ومن لطائف إسناده هنا أنَّ الثَّلاثة الأخيرة من رواته بجليُّون كوفيُّون يُكنَّون (٢) بأبي عبد الله، وهو من النَّوادر.
٢١٥٨ - وبه قال:(حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ) بفتح المهملة وسكون اللَّام، الخاركيُّ قال:(حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ) بن زيادٍ العبديُّ قال: (حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ) بسكون العين وفتح الميمين، ابن راشدٍ (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ) طاوس بن كيسان (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄) أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: لَا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ) أصله: «لاتتلَّقوا» فحُذِفت إحداهما، و «الرُّكبان»: بضمِّ الرَّاء، جمع راكبٍ، وزاد الكُشْمِيْهَنِيُّ:«للبيع»(وَلَا يَبِيعُ) بالرَّفع على النَّفي، ولأبي ذرٍّ:«ولا يَبِعْ» بالجزم على النَّهي (حَاضِرٌ لِبَادٍ قَالَ) طاوسٌ: (فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ)﵄: (مَا قَوْلُهُ) أي: ما معنى قوله ﵊: (لَا يَبِيعُ) بالرَّفع (حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا) بكسر المهملة الأولى وبينهما ميمٌ ساكنةٌ، أي: دلَّالًا، واستنبط المؤلِّف منه: تخصيص النَّهي عن بيع الحاضر للبادي إذا كان بالأجر، وقَوِيَ ذلك بعموم حديث [خ¦٥٧]: «النُّصح لكلِّ مسلمٍ»، وخصَّه الحنفيَّة بزمن القحط؛ لأنَّ فيه إضرارًا بأهل البلد فلا يُكرَه زمن الرُّخص، وتمسَّكوا بعموم قوله ﵊:«الدِّين النَّصيحة»، وزعموا أنَّه ناسخٌ لحديث النَّهي، وحمل الجمهور حديث:«الدِّين النَّصيحة» على عمومه إلَّا في بيع الحاضر للبادي، فهو خاصٌّ يقضي على العامِّ، وصورة بيع الحاضر للبادي عند الشَّافعيَّة والحنابلة: أن يمنع الحاضر البادي من بيع متاعه بأن يأمره بتركه عنده ليبيعه له (٣) على التَّدريج بثمنٍ غالٍ، والمبيع ممَّا تعمُّ حاجة أهل البلد إليه، فلو انتفى
(١) «آخر»: ليس في (د). (٢) في (د) و (ص): «مُكنّون». (٣) «له»: ليس في (د).