١٦٦ - وبه قال:(حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ (قَالَ: أَخْبَرَنَا) إمام الأئمَّة (مَالِكٌ عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ) بضمِّ المُوحَّدة (عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ) بالجيم والتَّصغير فيهما، المدنيُّ الثِّقة (أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ)﵄: (يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا) أي: أربع خصالٍ (لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ) وفي رواية أبي الوقت: «من أصحابنا» والمُراد: أصحاب الرَّسول ﷺ(يَصْنَعُهَا) مجتمعةً وإن كان يصنع بعضها، أوِ المُراد: الأكثر منهم، فـ (قَالَ: وَمَا هِيَ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ؟ قَالَ: رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنَ الأَرْكَانِ) أي: أركان الكعبة الأربعة (إِلَّا) الرُّكنين (اليَمَانِيَّيْنِ) تغليبًا، وإلَّا فالذي فيه الحجر الأسود عراقيٌّ لأنَّه إلى جهته، ولم يقعِ التَّغليب باعتبار الأسود خوف الاشتباه على جاهلٍ، وهما باقيان على قواعد إبراهيم ﵊، ومن ثمَّ خُصَّا أخيرًا بالاستلام، وعلى هذا لو بُنِيَ البيت على قواعد إبراهيم ﵊ الآن استُلِمَت كلُّها اقتداءً به؛ ولذا لمَّا ردَّهما ابن الزُّبير على القواعد استلمهما، وقد صحَّ استلامهما (١) أيضًا (٢) عن معاوية، ورُوِيَ عنِ الحَسن والحُسين ﵄، وظاهر ما في الحديث هنا: انفراد ابن عمر ﵄ باستلام اليمانيَّين دون غيره (٣) ممَّن رآهم عُبَيْدٌ، وأنَّ سائرهم كان يستلم الأربعة، ثمَّ قال ابن جريجٍ لابن عمرَ ﵄:(وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ) بفتح المُثنَّاة الفوقيَّة والمُوحَّدة (النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ) بكسر المُهمَلَة وسكون المُوحَّدَة آخره مُثنَّاةٌ فوقيَّةٌ: التي لا شعر عليها، من السِّبت وهو الحلق، وهو ظاهر جواب ابن عمر الآتي، أو هي التي عليها الشَّعر، أو جلد البقر المدبوغ بالقرظ، والسُّبت بالضَّمِّ: نبتٌ يُدبَغ به، أو كلُّ مدبوغٍ، أو التي أُسبِتت بالدِّباغ، أي: لانت، أو نسبة إلى سوق السِّبت، وإنَّما اعترض على ابن عمر ﵄ بذلك لأنَّه لباس أهل النَّعيم، وإنَّما كانوا يلبسون النِّعال بالشَّعر غير مدبوغةٍ، وكانتِ المدبوغة تعمل بالطَّائف وغيره (وَرَأَيْتُكَ
(١) في (م): «استلمها وقد صح استلامها». (٢) «أيضًا»: سقط من (د). (٣) في (ص): «غيرهما».