التي تُتقبَّل لا تكون من جنس الممحوق. انتهى. وقال (١) الكِرمانيُّ: لفظ «الصَّدقات» وإن كان أعمَّ من أن يكون من الكسب الطَّيِّب ومن غيره، لكنَّه مُقيَّدٌ بالصَّدقات التي هي (٢) من الكسب الطَّيِّب بقرينة السياق: ﴿وَلَا تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ﴾ [البقرة: ٢٦٧] وبهذا تحصل المناسبة بين قوله: «لا تقبل الصَّدقة إلَّا من كسبٍ طيِّبٍ» وهذه الآية، والجواب عن قول ابن التِّين: أنَّ تكثير أجر الصَّدقة ليس علَّةً؛ لكون الصَّدقة من كسبٍ طيِّبٍ، وكان الأبين أن يستدلَّ بقوله تعالى: ﴿أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٦٧].
١٤١٠ - وبه قال:(حَدَّثَنَا) ولأبي الوقت: «حدَّثني»(عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ) بضمِّ الميم وكسر النُّون، أنَّه (سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ) بفتح النُّون وسكون الضَّاد المعجمة، سالم بن أبي أميَّة قال:(حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ -هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ- عَنْ أَبِيهِ) عبد الله (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) ذكوان السَّمَّان (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: مَنْ تَصَدَّقَ بِعَِدْلِ تَمْرَةٍ) بمُثنَّاةٍ فوقيَّةٍ وسكون الميم، و «العَدل» عند الجمهور بفتح العين: المثل، وبالكسر: الحِمل -بكسر الحاء- أي: بقيمة تمرة (مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ) حلالٍ (وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيِّبَ) جملةٌ معترضةٌ بين الشَّرط والجزاء؛ تأكيدًا لتقرير المطلوب في النَّفقة (وَإِنَّ اللهَ) بالواو، ولأبي الوقت:«فإنَّ الله»(يَتَقَبَّلُهَا) بمُثنَّاةٍ فوقيَّةٍ بعد التَّحتيَّة (بِيَمِينِهِ) قال الخطَّابيُّ: ذكر اليمين لأنَّها في العُرف لِما عَزَّ، والأخرى لِما هان، وقال ابن اللَّبَّان: نسبة الأيدي إليه تعالى استعارةٌ لحقائق أنوارٍ علويَّةٍ يظهر عنها تصرُّفه وبطشه بدءًا وإعادةً، وتلك الأنوار متفاوتةٌ في روح القرب، وعلى حسب